حرمة أهل العلم – كلمة التحرير – مقالات مجلة بلاغ العدد ٦٣ – المحرم ١٤٤٦ هـ
لقد حرّم الله تعالى إيذاء المؤمنين وإيقاع الظلم عليهم واتّهامهم بما ليس فيهم، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب:58]، وتشتدّ الحرمة إذا كان هذا الإيذاء واقعاً على أهل العلم من المؤمنين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ» صحيح البخاري.
وإنّ هذا الاعتداء والظلم سيعود على صاحبه في الدنيا أو في الآخرة، ولن يذهب دون محاسبة من أحكم الحاكمين، قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم:42]، إلى درجة أن الله تعالى سيقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، فقد روي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رأى شاتينِ ينتطحانِ فقال: «يا أبا ذرٍ أتدري فيم يتناطحانِ؟» قلتُ: لا، قال: «ولكنَّ اللهَ يدري وسيقضي بينهما يومَ القيامةِ»”.
فليحذر من وقع في هذا الفعل الشنيع من عقوبته الوخيمة، فإن الله لا يحب الظالمين، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وإن الاستكبار على الحق ورفضه والإصرار على الظلم من صفات المنافقين، وإن الخير كل الخير في اتباع الحق والاستجابة للنصيحة والموعظة، ولو كانت شاقّة على النفس، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء:66].
ولن يضر المظلومين ما يصيبهم من أذى، بل هو رفعة لدرجاتهم ومغفرة لذنوبهم، ولكن الخاسر الأكبر هو الظالم المعتدي، وعلى الباغي تدور الدوائر.