حادثة الطعن في الكنيسة في نيس الفرنجية.

هناك ما يجب أن نذكر به دائماً، وهو أن فرنسا دولة كفار محاربين، وهذا حكم غيرها من الدول التي تحتل جزءاً من أرض المسلمين، أو تنصب من يحتلها بالنيابة وتدعمهم، أو تحارب المسلمين لأنهم “إرهابيون” أو “أصوليون” أو مسلمون عندما تتفلت البغضاء على الإسلام من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر.

فعلى هذا يُبنى حكم الجهاد ضد هؤلاء بكل ما يستطيع المسلمون من قوة وفي كل المجالات، ليس لأن الفرنجة سبُّوا النبي صلى الله عليه وسلم فقط، فهم يكذبونه أساساً ويقولون أن دينه منبع الوحشية والإجرام، ويحاربون كل من يتبعه بإحسان، هذا الفعل دائم، وردة فعل المسلمين ضدهم عاطفية مؤقتة، وهذا خطأ جسيم.

وإن كان الجهاد ومن ضمنه القتال واجب شرعي دائم على المسلمين، وهو فرض عين لأن العدو يطلبنا ويدهمنا في أرضنا ويهاجم مقدساتنا، فهذا الواجب جماعي يحقق المصلحة العامة للمسلمين ويدرأ عنهم المفسدة، أي يكون بمقتضى ومقصد السياسة الشرعية، ويلتزم بأوامر ونواهي الشرع في هذا الباب، باب قتال الكفار.

فقد تتطلب مصلحة الأمة ومصلحة الجهاد القيام بمواجهة عامة واصطدام جيوش، وقد تتطلب القيام بعمليات فردية مدروسة من الناحية الشرعية والعسكرية، وهذا لا يترك لاجتهاد الفرد أو الطائفة القليلة من المسلمين، فلربما كانت مفسدته أكبر بكثير من المصلحة المظنونة أو المؤكدة، نذكر هنا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه عندما أرسله ليأتيه بخبر الأحزاب خلف الخندق، قال:”لا تحدث فيهم امراً” أو “لا تذعرهم علي”، والحرب قائمة بين جيشين أحدهما يحاصر الأخر يريد أن يدخل عليه معقله.

هذا مع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل من لا يقاتل، من كبير وصغير وامرأة وراهب، حتى أصبحت قاعدة فقهية معروفة، ونهيه عن التعرض للكنائس ومن فيها ما لم يكن مقاتلاً.

توضَّح المراد بما سبق، فلا أطيل، وأقول: إن التحرك الإسلامي ضد الفرنجة وقد سبُّوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصروا على ذلك، وحاربوا المسلمين من قبل ومن بعد، تحرك عام شامل، لا يُزهِّد به ولا يُقصر فيه إلا خاذل متخاذل فيه نفاق، ولا يمنع منه ويحاربه إلا منافق مارد معلوم النفاق.

ولا بد لهذا التحرك أن يكون هادفاً منضبطاً يحقق المصلحة، لا عاطفياً عشوائياً يجلب المفسدة، والضوابط في القرآن وفي السنة يعلمها العالِمون العاملون.

قال الله تعالى -: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190]، فيا أيها المسلم المجاهد الثائر حمية للدين المدافع عن خير المرسلين، دونك من يقاتل من جيش وعناصر أمن وأشباههم أو مرتزق محتل لأرضك فقاتله، ودونك من يسب فاقتص منه، ومن اعتزلك وألقى إليك السلم فاعتزله وأمِّنه.

وكن في تحرك المسلمين العام إن كان عسكرياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً لا يصرفك عنه صارف، فهو يحقق المصلحة الأكبر والأرجى، وإن لاحت لك سانحة ليس فيها إثم ولا مخالفة لما أمر به الذي ثرت نصرة له صلى الله عليه وسلم فلا تقصر، فمحمد صلى الله عليه وسلم خير من يستحق التضحية دفاعاً عنه والفداء.

هذا، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.

أبو يحيى الشامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى