التحذير من الخلط بين إعذار الفاعل وتصحيح الفعل ومقارنة بين الشيخ الطريفي والمدخلي
أهل السنة والجماعة وسط بين نقيضين وهما الإفراط والتفريط والغلو والجفاء.
وقد ظهر الغلو في مسألة عدم التفريق بين الفعل والفاعل، وإنزال أحكام الفعل على الفاعل دون اعتبار لشروط ولا موانع.
وقد رد العلماء على هذا الخلط بما هو معروف في مظانه.
وكذلك انتشر الجفاء وجعل إعذار الفاعل مطية لتصحيح الفعل، فقد يقوم شخص بفعل بدعة أو كفر لكنه متأول أو جاهل أو مكره فيتخذ الجافي إعذار الفاعل وسيلة لتصحيح الفعل ووصف البدعة بالسنة والكفر بالإيمان.
ومن لم يلحظ الفرق بين الأمرين فإنه يضل ضلالا بعيدا.
وهذا التنبه لضلال الفعل سواء كان الفاعل معذورا أو لا هو أصل من أصول الحركة الإسلامية في القرن الأخير؛ فحربها في الأصل للعلمانية سواء أكان المتلبس بالعلمانية معذورا أو غير معذور. فإعذاره شيء وتصحيح العلمانية وما تفرع عنها من دساتير وحكومات وجيوش شيء آخر.
وهذا التفريق هو من أهم الفروق بين مشايخ أهل السنة ومشايخ الطغاة، فقد تجد من أهل السنة من لا يكفر حاكما بغير ما أنزل الله بعينه ولكنه في نفس الوقت يحارب جهده تحكيم الطاغوت، أما مشايخ الطغاة فإنهم لا يكفرون نفس الحاكم ولكنهم يصطفون معه في حربه لدعاة تحكيم الشريعة.
وانظر مثلا للشيخ الطريفي وربيع المدخلي، فالمعروف عن كليهما أنه يعتبر حكام السعودية ولاة أمر شرعيين تجب طاعتهم بالمعروف، لكن هذا لم يمنع الشيخ الطريفي من محاربة الفساد وإنكار المنكر والبراءة من الباطل، أما المدخلي فكان هذا سببا لنصرته الطغاة ضد المصلحين ودعاة تحكيم الشريعة.
ومن فهم هذا الفرق بين أحكام الإعذار وأحكام الفعل نجى من بدعة الغلاة والمميعة وضلال الخوارج وانحراف المرجئة، ولم يضطرب عندما يسمع قول فلان أو علان في هذا الحاكم أو ذاك.
الشيخ: أبو شعيب طلحة المسير