إدلب في شهر رجب 1444هـ – مجلة بلاغ العدد ٤٦ – شعبان ١٤٤٤هـ
إعداد: أبو جلال الحموي
استيقظ الأهالي في هذا الشهر على زلزال هائل مروع ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا ليلة الاثنين منتصف شهر رجب بلغت قوته 7.7 بمقياس ريختر.
في الحقيقة لم يستيقظ كل الأهالي على الزلزال، فهناك كثيرون ماتوا وهم نائمون ولم يستيقظوا، وهناك من استيقظ ولكن تحت ظلمات الهدم فلم ير شيئا إلى أن وافته المنية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
خمسون ألف قتيل سقطوا في هذا الزلزال المدمر، وأضعافهم من المصابين، وآلاف البيوت المنهارة، وعشرات الآلاف من الأبنية المتصدعة، وملايين المهجرين.
قرابة ربع الضحايا من السوريين في سوريا وتركيا، منهم قرابة ثلاثة آلاف ونصف سوري في الشمال السوري المحرر.
وقد تزامن الزلزال مع منخفض جوي هو الأشد هذا الشتاء وأمطار غزيرة هطلت على جموع الناس التي هربت من بيوتها إلى الشوارع والأراضي الزراعية والخيم، فاشتد البلاء على الناس، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وبعد وقوع الزلزال لم تنته المأساة فقد تتابعت الهزات الارتدادية القوية والضعيفة حتى بلغ عددها قرابة ثمانية آلاف هزة في أقل من شهر، وهي هزات زادت من شعور السكان بالخوف والقلق، وأدت إلى عدم استقرار كثير منهم في البيوت طيلة هذه المدة.
ولقد سارع أهالي الشمال السوري بالتعاون مع منظمة الدفاع المدني لإنقاذ من يمكن إنقاذه من العالقين تحت الأنقاض خاصة في المناطق الأكثر نكبة مثل جنديرس وسلقين وحارم وبسنيا والأتارب..، بأظافرهم وأكفهم، وبمطارقهم ومعاولهم، وبأدوات الحفر والرفع، وبالآليات الخفيفة والثقيلة، قضوا أربعة أيام متواصلة يستخرجون الأحياء وينتشلون الشهداء، وقدم كثير منهم أمثلة عظيمة في البذل والعطاء، كتب الله أجرهم وجزاهم خير الجزاء.
كما جمع أهالي الشمال المحرر وأهلنا في مناطق سوريا المحتلة من قسد، كثيرا من المساعدات العينية والمالية وقدموها للمتضررين، مما كان له أثر طيب في مواساة المنكوبين.
وخلال الأيام الأربعة الأولى بعد وقوع الزلزال وقفت منظمات العالم ودوله تتابع مأساة الشمال السوري ببرود كامل، دون أن يُدخِلوا للشمال السوري آلية واحدة ولا فريق إنقاذ واحد، حتى إذا اكتملت وفاة من تأخر إنقاذه وتأكدوا ألا أمل في خروج أحياء من تحت الأنقاض، بدأت ما تسمى بالأمم المتحدة في إرسال بعض المواد الغذائية والإغاثية!
واستمرارا للمؤامرات الدولية سارعت تلك المنظمة وعدد من الدول في استغلال الزلزال في تطبيع العلاقات مع نظام بشار المجرم وجعل الحادثة مناسبة لمسح سجل الجرائم الكبرى التي ارتكبها ويرتكبها النظام البعثي النصيري الغشوم.
– وبما أن مصائب قوم عند قوم فوائد! فقد استغل كذلك الجولاني الزلزال في: التقرب إلى الغرب، وسرقة الإغاثات، والمتاجرة بمعاناة الأهالي، إضافة إلى ما اعتاده من اعتقالات للمهاجرين والمجاهدين وزرع الفتن وبث الأراجيف، وكأن الزلزال لم يزده إلا طغيانا كبيرا.