أعوان الملك – مجلة بلاغ العدد ٥٦ – جمادى الآخرة ١٤٤٥ هـ –
كلمة التحرير
شاع بين الملوك مقولة “الملك عقيم” وذلك بسبب عدم مراعاة الملك لأحد يتوهم منه رائحة التآمر على نزع الملك منه، وهذا مطرد في عامة الملوك لا يستثنى منهم إلا من كان على نهج الخلفاء الراشدين.
والتاريخ شاهد أن كثيرًا من الملوك يتعامون عن ظلم عمالهم وعسفهم وفسادهم طالما أنهم يطيعونهم طاعة عمياء، فإذا حدثت منهم منازعة على الملك أُخذ العامل حينئذ بكل صغيرة وكبيرة، وربما يكون هذا العامل قد وطد أركان الدولة وهو أحد الأعمدة التي قامت عليه وباع دينه لأجل ذلك فسفك الدماء واغتصب الأملاك وسجن المخالفين وقضى على المعارضين، فيُنسى ذلك كلُه وتحل به أعتى العقوبات وأقسى الشدائد.
أتعرف عمرو بن سعيد الأشدق؟ الذي اقتحم جيشه البلد الحرام مكة ورفض نصيحة أبي شريح رضي الله عنه لما ذكر له حديث “إن هذا البلد حرمه الله …الحديث ولوى عنق الحديث ليسوغ فعله أتدري لم فعل ذلك؟ لأجل توطيد المُلك لعبد الملك بن مروان أتدري من قتله؟ قتله عبد الملك بن مروان لمنازعته الملك.
وكذا أبو مسلم الخراساني قامت على أكتافه الدولة العباسية وغض أبو العباس السفاح البصر عن جميع جرائمه ومجازره، ثم استخدمه أبو جعفر المنصور للقضاء على ثورة عمه عبد الله بن علي وبعد أن فرغ من ذلك استدعاه أبو جعفر وقتله لمنازعته في الملك.
وفي العصر القريب تجد كيف قتل عبد الناصر شريكه عبد الحكيم عامر وزج بصلاح نصر في السجن ناسيا جرائمهما التي ارتكباها من أجله.
وفي بلاد الشام تجد الهالك حافظ الأسد أقصى أخاه رفعت من سوريا وفكك سرايا الدفاع التي كان لها اليد الطولى في تدمير حماة وقمع انتفاضة الإخوان في 1980 لما أراد أن يتسلم الرئاسة.
وهذا من انتقام الله من الظالمين بأن يسلط بعضهم على بعض فربنا يمهل ولكنه لا يهمل.