#وباء_كورونا
يسمونه كورونا او فيروس الصين، لكن على مايبدو فإن المسمى الأصح له هو فيروس المال.
لقد أظهر فيروس كورونا عجز البشر على الرغم من إنجازاتهم العلمية الهائلة، وكانت الطريقة الوحيدة التي خرجوا فيها لمحاربته هو البقاء في المنزل، وانتظاره ليذهب. مايهمنا هو أن الفيروس ليس مصمما لتدمير الأنظمة الصحية، بقدر ما هو مصمم للقضاء على الأنظمة المالية والاقتصادات، بل يمكن القول أنه معلم رئيسي لنهاية النظام العالمي كما عرفناه.
لقد كشف الفيروس كيفية تحول انسان اليوم الى مادة، وانهيار المنظومات الأخلاقية والدينية حول العالم، وأن الحضارات الحالية لا أخلاق لها، ولا نتحدث فقط عن تبعات اعتناق الدارونية واقناع الانسان بأن لا ينظر لأخيه الإنسان إلا من باب المصلحة المادية والبقاء للأقوى.
إن كان عصر موسى عليه السلام هو عصر السحر، وعصر عيسى عليه السلام عصر الطب، وعصر محمد صلى الله عليه وسلم عصر البلاغة، والقرن الماضي عصر العلم، فعصرنا الآن هو عصر المال بلا منازع، وسيعطي هذا الفيروس لعقلاء الناس درسا قاسيا ويقظة من حالة التنويم المغناطيسي الذي كان يمارس عليهم، واستراحة من حمى التنافس المجنون على المال.
ما سنتحدث عنه هو التبعات الاقتصادية لفيروس الكورونا، وكيف لم يتسبب أي فيروس أو مرض على مر التاريخ بالخسائر الاقتصادية التي يسببها كورونا الآن، فقد استهدف شبكات التوزيع العالمية، وشركات السياحة والطيران، والبنوك، وأسواق الأسهم، ويهدد بإفلاس أكبر شركات العالم، بل وحتى أكبر الدول، كما أجبر أوروبا وأمريكا على صرف مايقارب 3 تريليون دولار لمنع انهيار اقتصاداتهم، وأصبح الملايين حول العالم عاطلين عن العمل. وليست المشكلة في الفيروس بقدر ماهي مشكلة في اعتماد العالم على القروض الربوية، وعلى أموال افتراضية لبناء اقتصادات عملاقة ورقية، وقد وعد الله المرابين بالحرب.
لانستطيع الآن ونحن في مركز إعصار كورونا، تقييم الأضرار الاقتصادية في كل بلد، لكن من المؤكد أنه سيؤدي الى كساد عظيم، والى انفجار الفقاعات المالية الوهمية، والى تراجع الاسعار، وضعف الطلب على البضائع، والى انكفاء البلدان على نفسها، لبناء اقتصاد متكامل دون الحاجة الى دول اخرى، وقد نشهد تفككا لاتحادات حالية مثل الاتحاد الأوروبي ولا نستبعد أن يفكك الفيروس الولايات المتحدة.
سيؤدي الفيروس الى إفلاس أعداد هائلة من الناس والشركات، خاصة الذين يعتمدون على الاقتراض.
سيؤدي الفيروس أيضا على زيادة النزعات القبلية في الدول، أي أنه سيكون هناك موجات عداء شديدة للمهاجرين، وللأجانب، وللأعراق المختلفة في أهل البلد، وحتى للبنوك والاغنياء، وقد يؤدي ذلك لاكتساح الأحزاب المتطرفة الانتخابات، او حتى حروب أهلية.
الفيروس سيضرب ايضا نظام العولمة وقد يؤدي الى ظهور الصين كأكبر قوة في العالم، فهي تحاول الآن الاستفادة من مرض الغرب في توسيع نفوذها، وبالتالي ستصبح العلاقات بين الغرب والصين أكثر عدائية من اي وقت مضى، ومنافسة شديدة على الاسواق.
سيضرب الفيروس أيضا سلاسل المساعدات للدول الفقيرة، فالانكماش الاقتصادي للدول الغنية سيؤدي الى تخفيف المساعدات للدول الفقيرة، وهذا يعني أن أفريقيا تحديدا ستكون المتضرر الأكبر.
كما أن انكماش الاقتصادات ورخص النفط، سيؤدي الى فقر الدول ذات الاقتصاد النفطي، وازدياد معدلات البطالة، وسيؤدي ذلك الى مطالبات بطرد العمالة الاجنبية، مما سيؤدي الى ازمات مالية في الدول النامية التي تقتات على تحويلات عمالتها المالية من الدول النفطية.
المصدر: نورس للدراسات