🔰قبل نفيري إلى الشام بحثت كثيرًا عن أقرب فصيل إلى الحق، وسألت بعض المشايخ في مصر؛ فعجبت من اتفاق الجميع على حركة أحرار الشام الإسلامية، فلما دخلت سوريا والتقيت قيادات الحركة زال عجبي.
فمن يرى حكمة الشيخ أبي خالد السوري وأدب الشيخ أبي يزن الشامي وحسن خلق الشيخ أبي علي الشيخ وحِلم الشيخ حسان عبود وفِكر الشيخ أبي سارية وورع الشيخ هاشم الشيخ وتواضع الشيخ أبي عبد الملك وقوة بأس مقاتلي الحركة مع رحمتهم بالشعب يعلم سبب هذا القبول الذي كتبه الله وقت ذاك لهذه الحركة الجهادية المباركة.
بعد أيام قليلة من وصولي إلى حلب شرُفت بلقاء الشيخ أبي عبد الملك محمود طيبة رحمه الله؛ رأيت رجلًا صبورًا متواضعًا زاهدًا، يعكف على القراءة من صلاة العشاء إلى الفجر دون ملل، كان يقرأ على اللاب توب ثلاث ساعات أو أكثر دون أن يغير جلسته.
كان الشيخ أبو عبد الملك تقبله الله كثير الزيارات لمدينة حلب حيث يسكن أصهاره؛ فتكررت اللقاءات وطالت الجلسات وكان رحمه الله يُقدر طلبة العلم النافرين ويُجلُّهم؛ يستشيرنا ويطلب منا بعض الأبحاث التي تخص وضع الساحة. وكان الشيخ طلحة المسير أبو شعيب المصري أكثر شخص اعتمد عليه الشيخ أبو عبد الملك رحمه الله في بحث وتأصيل نوازل المسائل الشرعية ومراجعة بيانات الحركة ودراسة القضايا الحساسة التي تهم الحركة.
🔰ومن المواقف الطريفة لي مع الشيخ رحمه الله أنه استشارني مرة في مسألة المذاهب الفقهية، فقلت: لا بد من اعتماد مذهب لبناء طالب العلم؛ فتقديم الدليل لا ينافي أبدًا الدراسة المذهبية. فقال لي الشيخ: أنا أريد أن أعتمد المذهب الشافعي للحركة. فاعترضت على هذا الرأي وقلت لن تجد من يُدرسه وإن وجدت فسيكون مؤيدًا للنظام المجرم أو غير مقتنع بالجهاد، أما المذهب الحنبلي فالساحة تضج بكوادره المجاهدة بفضل الله، والشعب السوري ليس على المذهب الشافعي كما يروج بعضهم لذلك فكثير من المسائل المشهورة والمتكررة لا يقلدون فيها الشافعية.
وبعد شهر واحد فوجئت بقرار إلزام شباب المكاتب الدعوية بدراسة “أخصر المختصرات” في المذهب الحنبلي، ثم زارنا الشيخ وقال لي وهو يبتسم: “خلاص يا سيدنا حنبلنا الحركة”.
🔰قبل مقتل الشيخ بأيام تواصل معي؛ يعرض علي فكرة المجلة المرئية لحركة أحرار الشام الإسلامية التي سيتم عرضها في جميع مقرات الحركة أسبوعيا، وأعاد علي الطلب بالظهور الإعلامي فيها، فاعتذرت له حيث لم أكن أظهر في الإعلام أبدا في ذاك الوقت، فطلب مني كتابة ما سيقدمه الشباب في مقاطع المجلة، وفعلا اتفقنا على 30 موضوعا وأعطاني مهلة قصيرة لكتابتها فكتبت منها سبع حلقات وأرسلتها للشيخ فرد علي بجملة واحدة: “متى تخرج من ضيق حلب إلى سعة الشام؟”. وقُتل بعدها بأيام رحمه الله وتقبله في الشهداء.
الشيخ محمد ناجي أبو اليقظان المصري.