عقائد النصيرية 10 | الركن الدعوي | مجلة بلاغ العدد السابع عشر ربيع الأول 1442هجرية
عقائد النصيرية 10
الشيح: محمد سمير
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد؛
فنقف في هذا المقال مع كتاب جديد يتحدث عن النصيرية لمؤلف شيعي إمامي، وهو كتاب “العلويون أو النصيرية” لعبد الحسين مهدي العسكري، وقد نشر عام 1980م، وهذا الكتاب يحتوي خمسة أبحاث كما ذكر مؤلفه في مقدمته ص 8: “جاءت دراستنا في خمسة أبحاث؛ الأول: في الغلو والغلاة، حتى نتعرف على أصل الشجرة التي تفرعت عنها النصيرية. الثاني: النصيرية في مصادر الشيعة؛ لنتبين مدى صحة زعم النصيرية أنهم شيعة اثنا عشرية، ولنتعرف على رأي الشيعة فيهم. الثالث: النصيرية في مصادر أهل السنة؛ لنقف على حقيقة النزاع بين النصيرية والشيعة باعتبار أهل السنة طرفا محايدا بالنسبة لموضوع الخلاف ولنتبين رأي أهل السنة في النصيرية. الرابع: النصيرية والمستشرقون؛ استعرضنا فيه آراء المستشرقين في النصيرية وأشرنا إلى الدراسات والكتب التي نشروها عنهم. الخامس: النصيرية من مصادرها، وقد رجعنا فيه إلى ما هو متوفر من كتبهم ونقلنا نصوصا مطولة عنهم تفصح عن عقائدهم وأفكارهم”.
ونحن إنما يعنينا في هذا المقال المبحث الثاني؛ لنعلم رأي الشيعة الاثني عشرية فيهم وبيان زيف دعوى النصيرية بالانتساب إلى الإمامية.
وقد نقل العسكري في كتابه هذا من مصادر الإمامية في الفرق، فنقل عن كتاب المقالات والفرق للقمي قوله: “وقد شذت فرقة من القائلين بإمامة علي بن محمد -ع- في حياته فقالت بنبوة رجل يقال له: محمد بن نصير النميري، كان يدعي أنه نبي رسول، وأن علي بن محمد العسكري -ع- أرسله، وكان يقول بالتناسخ، ويغلو في أبي الحسن، ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإباحة للمحارم، ويحلل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم، ويزعم أن ذلك من التواضع والإخبات والتذلل في المفعول به وأنه من الفاعل والمفعول به إحدى الشهوات والطيبات، وأن الله لم يحرم شيئا من ذلك، وكان محمد بن محمد بن الحسن بن فرات يقوي أسبابه ويعضده” ص34.
ثم ذكر العسكري أن النوبختي في كتابه فرق الشيعة ذكر عن النصيرية ما ذكره القمي تماما.
ثم انتقل العسكري إلى كتب الرجال عند الشيعة؛ ليذكر ما قالوه عن النصيرية، فذكر في ص36- 37 نقلا عن كتاب رجال الكشي: “حدثني موسى بن وهب عن إبراهيم بن شيبة، قال: كتبت إليه أي الإمام علي بن محمد: جعلت فداك إن عندنا قوما يختلفون في معرفة فضلكم بأقاويل مختلفة تشمئز منها القلوب وتضيق لها الصدور يروون في ذلك الأحاديث لا يجوز لنا الإقرار بها لما فيها من القول العظيم، ولا يجوز لنا ردها ولا الجحود لها إذا نسبت إلى آبائك، فنحن وقوف عليها، من ذلك أنهم يقولون ويتأولون معنى قول الله عز وجل: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، وقوله عز وجل: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) إن الصلاة معناها رجل لا ركوع ولا سجود وكذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لا عدد الدراهم ولا إخراج المال وأشياء تشبهها من الفرائض والسنن والمعاصي تأولوها وصيروها على هذا الحد الذي ذكرت، فإن رأيت أن تمن على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من الأقاويل التي تصيرهم إلى العطب والهلاك، والذين ادعوا هذه الأشياء ادعوا أنهم أولياء، ودعوا إلى طاعتهم، فما تقول في القبول منهم جميعا؟ فكتب إليه الإمام عليه السلام: ليس هذا ديننا فاعتزله”.
“وكتب الإمام عليه السلام رسالة أخرى إلى أحد أتباعه في الموضوع ذاته، هذا نصها: أبرأ إلى الله من النميري محمد بن نصير وابن بابا القمي، فابرأ منهما فإني محذرك وجميع موالي، وإني ألعنهما عليهما لعنة الله مستأكلين يأكلان بنا الناس فتانين مؤذيين آذاهما الله وأرسلهما في اللعنة وأركسهما في الفتنة ركسا”.
ثم نقل العسكري ص38 عن الطوسي في كتابه الغيبة تحت عنوان: ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله ومنهم محمد بن نصير النميري: “وساق بإسناده إلى أبي نصر هبة الله بن محمد، قال: كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام، فلما توفي ادعى ابن نصير مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنه صاحب إمام الزمان وادعى له البابية وفضحه الله بما ظهر منه من الإلحاد والجهل”.
وذكر ص38 عن الحلي في رجاله قوله: “محمد بن نصير النميري لعنه علي بن محمد العسكري عليه السلام، وكان ضعيفا بدو النصيرية وإليه ينسبون”.
ونقل ص39 عن الطبرسي في كتابه الاحتجاج قوله: “كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن عليه السلام فلما توفي ادعى البابية لصاحب الزمان ففضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والغلو والتناسخ، وكان يدعي أنه رسول نبي، ويقول بإباحة المحارم”.
ويعقب العسكري على هذه النقول قائلا ص39: “وليس هذا كل ما عثرنا عليه في مصادر الشيعة الاثني عشرية؛ إذ لا يخلو كتاب من كتبهم في الأخبار أو الرجال أو العقائد قديما وحديثا من الإشارة إلى ابن نصير وأفكاره الغالية وآرائه المتطرفة، ولكنها جميعا تردد ما ورد في الكتب التي نقلنا عنها مع إضافات يسيرة وتوضيحات بسيطة، ومع اختلاف في الأسلوب والصياغة”.
ثم نقل ما يؤكد ما سبق عن بعض علماء الشيعة المعاصرين فنقل عن الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه الفكر الشيعي والنزعات الصوفية قوله: “وفي أيام علي الهادي ظهر محمد بن نصير الذي أسس المذهب النصيري القائل بالغلو في الأئمة وتأليههم بالإضافة إلى التساهل في الواجبات الدينية”.
وختم العسكري هذا الفصل بأهم النتائج التي وصل إليها وبين أن النصيرية ما زالوا إلى يومنا هذا على فسادهم وكفرهم، فقال ص46- 47: “يبدو أن النصيرية المعاصرين لا يزالون ثابتين على أفكار سلفهم، متمسكين بآراء مؤسس فرقتهم؛ فقد أوفد أحد المراجع الدينية في النجف الأشرف أحد العلماء الشباب وهو الشيخ محمد رضا شمس الدين سنة 1376هـ 1956م إلى جبل النصيرية في سوريا للتعرف على أحوالهم فرحب به النصيرية أجمل ترحيب مما حمله على مدحهم والثناء عليهم، ولكنه لاحظ عدم اكتراثهم بفرائض الدين من صلاة وحج، وعدم وجود مساجد في منطقتهم”، ثم ذكر نص كلامه في كتابه العلويون في سوريا.
* وبهذا نكون قد انتهينا من عرض آراء الشيعة الإمامية حول النصيريين من خلال كتاب “النصيرية”، لعبد الحسين مهدي العسكري.
وإلى مقال قادم إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين.
لمتابعة مقالات العدد السابع عشر ربيع الأول 1442هجرية
– هكذا نصروه – التحرير
الركن الدعوي
-الشهوة أصل الشبهة – الشيخ أبو اليقظان محمد ناجي
– عقائد النصيرية 10 – الشيح محمد سمير
– أحكام الجهاد مع الإمام الفاجر – الشيخ أبو شعيب طلحة المسير
– ويمشي في الأسواق – الشيخ همام أبو عبد الله
– حب النبي صلى الله عليه وسلم – الشيخ أبو حمزة الكردي
صدى إدلب
– إدلب في شهر صفر 1442هـ – أبو جلال الحموي
– لقطة شاشة – أبو محمد الجنوبي
– مواقيت الصلاة في إدلب لشهر ربيع الأول 1442هـ – رابطة العالم الإسلامي
كتابات فكرية
– آفة الاستعجال – د. أبو عبد الله الشامي
– المعاركُ الجَّانبيةُ ومرارةُ الخُذلان – الأستاذ أبو يحيى الشامي
– أفغانستان جراح وآمال – إحسان الله (أنس الأفغاني)
– الحق أقوى من إعلامهم – الأستاذ خالد شاكر
ركن المرأة
– طريق الهداية الأستاذة – نسمة القطان
الواحة الأدبية
– بين الإيمان والحب – الأستاذ غياث الحلبي
لتحميل نسخة من المجلة BDF اضغط هنا
لمتابعة قناة مؤسسة بلاغ الإعلامية على التليجرام تابع
[/box]