سقوط روسيا لا يعني تحرر سوريا! -كلمة التحرير – مجلة بلاغ العدد ٣٤ – شعبان – ١٤٤٣
مجلة بلاغ العدد ٣٤ - شعبان - ١٤٤٣
كلمة التحرير
بدأت روسيا قبل أيام حرب احتلال أوكرانيا وزجت بجنودها وترسانة أسلحتها في تلك المعركة التي يبدو أنها توقعت لها مسارا غير الذي سارت فيه الحرب؛ حيث ووجهت القوات الروسية بمقاومة أوكرانية قوية تسببت في مقتل وإصابة وأسر آلاف الجنود الروس، وخسارتهم آلاف العتاد من طائرات ودبابات وأنظمة دفاع وناقلات جند.. وغير ذلك.
لقد كانت خسائر الجيش الروسي البشرية والمادية في أوكرانيا في اليوم الأول من الاحتلال تفوق خسائرها في سوريا في سبع سنين من الاحتلال الروسي لسوريا وما واجهته فيها من ضربات.
وبدا واضحا من المعلومات التي تنشر عن المعركة أن العدو الروسي وقع في استنزاف شديد جعله يسحب جنوده من أماكن عديدة ويزجهم في تلك المعركة الأوكرانية، وأنه نقل من سوريا إلى أوكرانيا أكفأ ضباطه الذين تمرسوا في الحرب السورية؛ حتى إنه ظهرت صور وبيانات لضباط روس قتلوا وأسروا في أوكرانيا ممن شاركوا في الحرب في سوريا.
* ورغم هذا الاستنزاف الكبير والحرج الواسع الذي وقع فيه المحتل الروسي إلا أن الوضع في سوريا التي تعاني من مئات الآلاف من الأسيرات والأسرى، وملايين الشهداء والجرحى، وملايين المشردين والنازحين، وملايين الفقراء والمحتاجين، واحتلال يسيطر على معظم الأرض السورية، = أخذ وضع المزهرية، وارتضى القادة الوظيفيون المفروضون على الثورة السورية دور المتفرج الذي رضي من الغنيمة بالهتاف!
لقد قال البشير الإبراهيمي: “من كتم داءَه قتله”، وقديما قيل: “من كتم داءه أعياه شفاؤه”، فكفى تورية وتعريضا، وحي هلا بها صريحة واضحة:
– إن القادة الوظيفيين سواء في أعلى هرم هيئة تحرير الشام أو أعلى هرم الجيش الوطني، الذين استولوا على مقدرات الثورة السورية فاستخدموها في فرض المؤامرات الدولية، وتفكيك عوامل القوة في المجتمع، إنما هم عبيد يتحركون وفق إملاءات أسيادهم لا وفق مصلحة الجهاد والثورة، والمستجير بهؤلاء عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار.
وهم عندما يقولون [رغم كل الجرائم التي يرتكبها الروس في سوريا]: لا تستفزوا روسيا فهي قوة جبارة عالمية، إنما يعبرون عن حقيقة خذلانهم للقضية، ولو سقطت موسكو كلها وروسيا جمعاء، فقد تظل سوريا محتلة للروس أو الإيرانيين أو حتى للأمريكان، فسقوط روسيا لا يعني تحرر سوريا! طالما أن العبيد يتحكمون في قرار الثورة السورية.
– معذرة يا شعب المناطق المحررة: فالطريق إلى حلب وحماة ودمشق مغلق يحول بينك وبينه هؤلاء الوظيفيون.
– معذرة يا شعب المناطق المحررة: جبل الزاوية والغاب والتركمان وإدلب والباب..، هي بضاعة معروضة للبيع والشراء والتبديل في أقرب وكر للمفاوضات القادمة طالما أن هؤلاء الوظيفيين لا يزالون يعملون في التجارة بمعاناة الأمة.
– معذرة يا شعب المناطق المحررة: الإذلال مستمر والتعذيب والمطاردات والمكوس والتضييق والسرقة؛ فهذه ليست ضريبة الكرامة، بل ضريبة تسلط هؤلاء الوظيفيين لصوص الثورة.
نعم، “إنَّ البُغَاثَ بأَرْضِنَا يَسْتَنْسِرُ“، فهو الخيار المفضل لأمريكا بمنطقتنا كما صرح الأمريكان بذلك، بل وهو الخيار المفضل لروسيا وإيران كما تدل شواهد الأحداث، فقد توفرت قيادة:
– تمنع الشعب من التجارة في السلاح،
– وتحارب فصيلا بعد فصيل، ومنطقة في إثر منطقة، وثلة من المهاجرين ثم ثلة،
– وتُنفر الحاضنة الشعبية من المقاتلين،
– وتحاصر فقراء المنطقة،
– وتسجل كل بيانات أفراد المنطقة ومعلوماتهم وتاريخهم وأنشطتهم؛ فتتسرب بيسر كل تلك البيانات لشتى أجهزة المخابرات،
قيادة: تهدم حصون المجتمع حصنا بعد حصن مما قد يؤدي لسقوط المناطق كما سقطت من قبل، فتاريخها في الفشل العسكري الذي أودى بالمناطق مشهود معلوم.
قيادة: لا يوثق في قوتها ولا في أمانتها، بل وثبت فسادها وإجرامها وخيانتها بالأدلة المعلومة المتواترة.
فمتى يبلغ البنيان يوما تمامه
إذا كنت تبنيه وخائن يهدم
ألا هل بلغنا؟ اللهم فاشهد.
للمزيد من مقالات مجلة بلاغ العدد 34 اضغط هنا