الأسيف عبدُ الرحمن
خذ نفسًا عميقًا وفكر بقلب المسلم لا بعقل المنتقم، فلا يخاف بشر من خاف الله وثبت ليومنا، وهذه همسة للنصح والإصلاح والتنويه لما قد يكون عنا غاب، فأما تدارك الأمور أو أنها نذير شؤم.
حينما نسمع عن اعتقال أي إنسان في كامل الشمال المحرر، بسبب قضايا فكرية وآراء مختلفة، فإننا أول ما نرجوه ونأمله أن لا يتعرض للإهانة والتعذيب، لأن ذلك سبب لنا عُقد نفسية من يوم كنا خاضعين لسطوة اللانظام المجرم واستخباراته التي كانت تتفنن بالإهانة والتعذيب، أما مسألة متابعة قضية المعتقل ومعرفة الأسباب ونحوه من حقوق السجين فهذه تحتاج وحدها قيام الليل بدعاء مليء بالدموع من الأهل والأحباب.، وبرغم أن منظورنا للوضع بعدما بات لنا ملاذ آمن ومنطقة محررة بفاتورة كبيرة من الدماء الذكية والخسائر المادية وأكثر من عشرة ملايين مُهجر وأربعة ملايين نازح كنا وما زلنا نطمح لمجتمع مسلم حقيقي يعبر عن أخلاق وأهداف الثورة أمام العالم أجمع ولأجل هذا خضنا المعارك وقهرنا الخوف ووضعنا كل تضحية ممكن أن تخطر على البال نصب أعيننا في سبيل تحقيق الغاية المنشودة رغمًا عن كل قوة تحول بيننا وبين هدفنا، بل كلما زاد القهر المجتمع زدنا إصرارًا وعناد وهذا واضح في عيون مجاهدينا على الجبهات ومرسوم في وجوه شعبنا المكلوم، ومع ذلك فالإهانة تحصل والتعذيب يقع بنسب متفاوتة ترتكز على الاختلاف الفكري بحد ذاته، وليست قضية الناشط “محمود الشامي” الأولى، فسبقها تجاوزات كثيرة في مناطق الدرع وإدلب كذلك ليست قضية توقير شريف هي الأولى، سمعتها من أصحابها أو رأيتها، في حين أن معتقلين آخرين كانوا لا يتعرضون لأي إهانة أو تعذيب وفي أعظم الحالات من الممكن استخدام التعذيب النفسي، ولهذا نأمل أن يكون النهج المتبع بالعموم هو الأخير من نوعه على حد سواء في منطقة إدلب والدرع والغصن وعموم المناطق التي هي أصلًا لصيانة كرامتنا التي ثرنا لأجلها، وتغيير النهج فيما يبدو سهل وبسيط حينما نرى أشخاص في موضع المسؤولية لديهم حس عالي بالأمانة وحذر شديد من التجاوزات، وشخصيًا أعرف بعض أولئك ولطالما كنت أقول لهم: ليت الجميع مثلكم. فيكون الجواب أنه يوجد من هو أفضل. فأسأل الله أن ييسر لهم بأن يبسطوا العدل ويهيء لهم من يعينهم حتى يبعدوا من يشوه الصورة، فهؤلاء هم معول الهدم الحقيقي وليس من يصرخ حينما يتعرض للضغط أو الاعتقال أو الإهانة أوالتهديد من بضعة أشخاص رعنين لا يدركون خطورة فعلهم ويهدمون في عيون الناس جبال الحسنات، يعز علينا والله أن تتغير صورة المجاهد والثائر ويطال أولئك الأخيار على الجبهات وآخرين في ثغورهم، يعز علينا أن يصبحوا محط سخط الناس وتسقط محبتهم شيئًا فشيء من القلوب لذنب هم بريؤون منه، حتى الأمنيين أوالشرطة العسكرية أو من يقوم مقامهم، من قال نبغضهم لواجبهم؟! نعوذ بالله من كل أفاك، بل نحن نتمنى أن يصبحوا مصدر طمئنية للكبير والصغير ومصدر فرح وسرور حينما يراهم الناس في أي مكان، تنزل في قلوبهم السكينة أن هؤلاء هم لخدمتهم وحمايتهم حتى لو اشتبهوا بشيء فلن يصدر منهم إلا ما يزيد المرء حبًا لهم مدركًا أن هؤلاء على نهج المشروع الذي وضعه النبي ﷺ في المدينة يوم اجتمع الأحزاب وحاصروا المظلومين كحالنا اليوم.، أما الإعلام “المتآمر” فلو كرس كل الجهد لن تنفعه إن لم يكن ثمة حقائق على الأرض ولو بنسبة.
إنها مسؤولية حساسة أمام سلطات المحرر على كلا الجانبين، وتحديدًا مع بدء بعض الصحف العالمية تسليط الضوء على هذا الجانب في الأيام الأخيرة (ولأننا نرى أن الحقوق والحريات ما زالت موجودة، لكنها تتقلص بغير سياسة واضحة مبررة)، وبدون أدنى شك يزعجنا أن تكون صورة المحررة غير سليمة لأن التأثير سينعكس على الصالح والطالح دون تفرقة، بل التأثير سينعكس على القضية الثورية بكاملها، ولولا تربص العدو بمنابرنا لاستفاض المرء كونه ما عاد يعرف أي باب يطرق وسبيل الشكوى، فنُسكن النفس بحسن الظن دائمًا متفائلين بفرج الله مع فهمنا وفقهنا وإدراكنا تمامًا لحجم المسؤوليات والتحديات ومعنى الاختلاف في الرأي وكيف يكون اختلافًا منضبطًا يصب في مصلحة سد الثغرات وتصويب الأخطاء، فالناقد عينٌ لك إن تفقهه، والمرقع غشاوة على عينيك لو أبصرته.
ونذكر ونخوف المسؤولين من الله تعالى، فالمحسن سيزداد إحسان والمتجاوز لعله يخشع، ثم نذكر بتعريف معنى “المسؤولية” وهي المُسائلة، أي تقديم الإجابات من المسؤول للسائل أثناء تحمل المسؤول عبء المسؤولية، وعند تقديمه الإجابات وانعكاس أفعاله الحميده يصبح ذا رصيد يُعبر عن كفائته.
وأخيرًا، يشهد الله ما أردت من التذكير والحديث واختيار التلطف إلا الإصلاح وحده مع محاولتي جاهدًا ترك أخبار الساحة لأني مدرك تمامًا لمعنى التجربة وما يتخللها من أخطاء طبيعية مفهومة غير مقصودة، وما دونها فيجب النقد والنصح، فمن أراد الغرق بنظرية “المؤامرة” والطعن بالنوايا، أسأل الله أن يهديه، وإن أبا الهداية فيريحنا منه.
-والله خير وكيل ومجير-
الأسيف عبدُ الرحمن