عقائد النصيرية – 37 – التعذيب في سجون بشار – الركن الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٤٤

الشيخ: محمد سمير

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛

فإن أشد أنواع البلاء في الثورة كان من نصيب المعتقلين الذين غيبتهم أفرع النظام وسجونه تحت طبقاتها؛ حيث يكون الموت أعظم الأماني، وإن مجازر النظام على وحشيتها أقل سوءا من مسالخه وأقبية مخابراته وضيق زنزاناته.

ومنذ اليوم الأول في الثورة السورية بدأ شبيحة النظام وعبيده باعتقال الأحرار وزجهم في السجون؛ حتى إن الشبكة السورية لحقوق الإنسان نشرت عام 2020 م أن النظام السوري “قام باعتقال ما لا يقل عن مليون ومائتي ألف مواطن سوري تعرضوا بشكل أو آخر لنوع من أنواع التعذيب”.

 

وسجون النظام وأفرعه هي أسوأ مكان مأهول على سطح المعمورة، حتى قيل فيها: “الداخل مفقود والخارج مولود”، فهناك تلقى الرحمة حتفها ولا تجد لدى الشبيحة سوى وحشية تعف عنها الضباع، ولا تصل إلى معشارها وحشية الذئاب، وقد أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد من قتل في سجون النظام وأفرعه من بداية الثورة إلى 31 / 5 / 2021 قد وصل إلى مائة وخمسة آلاف، وقد وثق المرصد منها قرابة نصفها، ولا يزال العمل جاريا على توثيق المزيد.

ولا شك أن هذا الرقم يكشف عن الأهوال التي يلقاها السجناء هناك، كما تدل على ولع النظام وأزلامه بالدماء وتلذذهم بسماع صراخ المعذبين ورؤيتهم يتلوون ألما.

* وقد أحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير نشرته في 21 تشرين الأول 2019 اثنين وسبعين أسلوبا للتعذيب تمت ممارستها على السجناء، وقد وزعت هذه الأساليب على سبعة أنماط؛ وهي:

 

1 – التعذيب الجسدي: وضم أساليب كثيرة منها: التعذيب باستخدام الماء إما البارد في الشتاء وإما الحار الذي يسلخ الجلد وإما الإغراق، ومنها التعذيب بالكهرباء، ومنها التعذيب باستخدام النار والمواد المشتعلة والزيت وكي الجلد بالسيخ المحمي على النار، أو إطفاء السجائر بجسد المعذب، ومنها الحرق بالأحماض الكيميائية أو بالبارود، أو تضميخ السجين بالمبيدات الحشرية القابلة للاشتعال ثم إشعال النار فيه، ومنها التعذيب بالشبح بأنواعه؛ إما الشبح من اليدين أو الرجلين أو البلانكو أو الشبح بطريقة الفروج.

ومنها: التعذيب بالمنع من الحركة، إما بإلزام السجين بالوقوف مددا طويلة، أو بالقعود بهيئة القرفصاء مددا طويلة.

ومنها: التعذيب بطرق التثبيت المصاحبة للضرب وإحداث الأذى، كالفلقة والدولاب والكرسي الألماني وبساط الريح، والتثبيت على الكرسي والصلب.

ومنها: التعذيب بطريقة التحطيم والتكسير والقطع والقلع والقص والنتف والطعن؛ كتحطيم رأس السجين بالعصي والهروات أو ضربه في الجدار، وكتكسير العظام والأسنان وقلع الأظفار وفقء العيون ونتف الشعر وقطع بضعة من الجسد.

2 – الإهمال الصحي وظروف الاحتجاز: ويتضمن ذلك الحرمان الطبي وإهمال العلاج وحرمان المعتقل من الاستحمام واستخدام المرحاض ووسائل النظافة، ومنها التكديس البشري ومنها الحرمان من الغذاء والنوم.

3 – العنف الجسدي: ويضم السب الفاحش البذيء، والإجبار على التعري، والتحرش عبر ملامسة الأماكن الحساسة، وقطع أو ضرب الأعضاء التناسلية، والاغتصاب أو إدخال أدوات في فتحات الجسد الحساسة، وتعليق أثقال في الأعضاء التناسلية قد يصل وزنها إلى ثلاثة كيلو غرام.

 

4 – التعذيب النفسي وإهانة الكرامة الإنسانية: ويشمل إجبار المعتقل على تقليد الحيوانات، وإسماعه صراخ المعذبين ومشاهدتهم، والتهديد والترهيب والشتائم وإهانة الكرامة، والحبس الانفرادي، وإبقاء جثة المعتقل ضمن الزنزانة.

5 – أعمال السخرة: ويشمل إجبار السجناء على تنظيف المراحيض والممرات، وإجبارهم على حفر الأنفاق وتجهيز المتاريس أو بناء مواقع لقوات النظام وتعريضهم للخطر.

6 – التعذيب في المشافي العسكرية: ويشمل ذلك منع المعتقل من ذكر اسمه، وإعطاءه رقما بدل ذلك، وضرب المعتقل على أماكن جراحه وإصاباته، وعلاج المعتقل بلا عقامة، وحرمانه من المسكنات والدواء، وإرسال الأطباء والطلبة المتدربين للتدريب على جسده، وتبديل الضمادات ونزع الأجهزة بقسوة.

7 – الفصل: ويقصد به جنون السجين لفظاعة ما رأى وما مورس عليه من أساليب التعذيب، وكثيرا ما ينتهي الأمر بالفاصل للموت.

[تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن توثيق 72 أسلوب تعذيب لا يزال النظام السوري مستمرا في ممارستها 21 / 10 / 2019].

* وأما شهادات الناجين من سجون الأسد، ورواياتهم لما حصل معهم من التعذيب الوحشي وما شاهدوه من الفظائع، فشيء يفوق الحصر لكثرته، ويمكن أن تبحث في الشبكة العنكبوتية عن التعذيب في سجون الأسد لتر العجب العجاب.

– ونذكر هنا بعض المراجع المكتوبة عن التعذيب في سجون الأسد، فمن ذلك:

 

1 – ثلاثة أعداد من “صفحات من الثورة السورية”:

وعناوينها:

أ – أطباق الجحيم.

ب – حيث لا ينتهي الألم.

ج – الأهوال والفظائع في سجون النصيريين.

وقد احتوت هذه الأعداد على شهادات عدد من السجناء الذين خرجوا من سجون النظام.

2 – إنه يحطم إنسانيتك:

وهو تقرير لمنظمة العفو الدولية تحدث عن التعذيب في سجون الأسد بالاعتماد على شهادة 64 ناجيا من سجون الأسد، وأفرد قسما للحديث عن سجن صيدنايا.

3 – قضبان الربيع:

لعبد الله اليبرودي، وهي شهادة المؤلف الذي مكث في سجون النظام ثلاثة أعوام.

4 – حين تتحدث الزنازين:

قامت بجمعه وتنسيقه جريدة زيتون، وقد جمع الكتاب قصص أكثر من خمسين شهيدا ممن قضوا في سجون الأسد، جاء في مقدمة الكتاب: “عمل فريق الكتاب على زيارة ذوي الشهداء والتعرف على حيثيات اعتقال فقيدهم ومراحل حياته قبل الاعتقال والتطرق إلى جوانب شخصيته”.

5 – كتاب سجن صيدنايا:

وقد نشرته رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا، ويضم شهادات بعض الناجين من سجون النظام.

* إن الأبرياء في سجون الأسد يلقون من البلاء أشده، ومن الظلم أشنعه، ومن التعذيب أقساه، ومن الخوف أصعبه، ومن الرعب أهوله، وإن استنقاذ هؤلاء الأسرى لمن أوجب الواجبات وأعظم الفروض، قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)، وقال عليه الصلاة والسلام: «فُكُّوا العَانِيَ»، فحق وواجب على جميع الفصائل المجاهدة أن تبذل أقصى ما تستطيع من جهود عسكرية وسياسية حتى تنقذ أسرانا جميعا.

وأما الشبيحة والزبانية وعبيد الأسد، فالثأر منهم قريب بإذن الله.

ولنكتف بهذا المقدار، وإلى لقاء قادم إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.

هنا بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٤٤ جمادى الآخرة ١٤٤٤هـ 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى