ديمقراطية الدجال |كتابات فكرية| | مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442

ديمقراطية الدجال - الأستاذ أبو يحيى الشامي

الأستاذ: أبو يحيى الشامي

لطالما تغنوا بالديمقرطية، وأنهم يطبقونها ويدافعون عنها، بل يروجونها ويفرضونها على غيرهم من الشعوب، وهي عندهم ترتدي زياً، وعند غيرهم من الأتباع والمخدوعين أزياء، ولا يهتمون لحقيقتها بل لما تحقق من مصالح، فالديمقراطية عبارة عن شماعة أو ذريعة أو أداة، لها الكثير من الوظائف إلا الوظيفة التي يدعونها وهي حكم الشعب لنفسه، على بطلان حكم الشعب لنفسه في الدين الحق.

الأكثرية تحكم، لكن الأكثرية تُصنع، وهناك الكثير من الطرق التي تؤدي إلى صنعها وتوظيفها، ثم هناك الكثير من الطرق للانقلاب عليها وهدر حقوقها وربما دمائها أيضاً، هذا كله بما يتوافق مع مصالح أقلية قليلة فاسدة مفسدة تملك أدوات السلطة الحقيقية.

المال والإعلام أهم عوامل الترجيح في كل المعارك، أما القوة العسكرية فهي بيدق بيد القوة الاقتصادية التي تطورت وتضخمت ودخلت كل المجالات، وأصبح البشر في زمن التطور التقني والمعلوماتي كأجهزة الاستقبال المبرمجة، لا تأخذ عملية تحويلهم وتغيير توجهاتهم الكثير من الجهد والوقت.

أصبح أهل الحل والعقد في أكثر دول العالم هم أباطرة المال والإعلام، وبقيت الديمقراطية واجهة رسومية للتجميل فقط، فالأكثرية التي تتحرك بوعيها ظاهرياً إنما تتحرك بلا وعي لتحقق نتائج مخطط لها سلفاً، في مشهد أحدث بكثير من المشهد الذي فصله غوستاف لوبون في سيكولوجيا الجماهير، ثم في لحظة من الزمن قد يشعر هؤلاء بأنهم ضحية خداع أو مؤامرة، بعد فوات الأوان، ثم يتكرر الخداع بسرعة مذهلة، وهكذا….

التمثيليات والأفلام الديمقراطية تمثل في كل بلد على طريقة، ففي بعضها تظهر الدكتاتوريات الفاجرة بصورتها السافرة الغبية، وفي بعضها يكون التجميل الديمقراطي أكبر، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، لكن في فلتات لا بد منها يظهر الوجه الحقيقي للحاكم الفعلي.

لم تقم شركات الإعلام والتواصل الضخمة بمساندة بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية فقط، بل قامت بتقييد خصمه ترامب قبل وبعد الانتخابات، حتى قامت بحظره قبل أيام من انتهاء ولايته وحظرت عدداً من مؤيديه، بحجة منعهم من التحريض على العنف، هذا التعامل شكلياً يشبه تعاملهم مع المجاهدين، لكن في المضمون المجاهدون عدو يُخشى تأثيره، وترامب أداة انتهى وقت استعمالها، فهي تُمتهن ممن يمتلك السلطة الحقيقية وتُرمى.

هذا الحلف “الديمقراطي-الرأسمالي” يثير غضب عدد من المتحمسين فيقتحمون الكابيتول مصدر الفخر والاستعلاء الأمريكي، لكن الحاكم الفعلي يستطيع أن يضبط الأمور بالضغط وبالمفاوضات مع القلة التي بقيت في البيت الأبيض قبل تسليم السلطة.

على كل حال ما يجري هو صدمة من صدمات قد تؤدي إلى صحوة جزئية تخرب هذا النظام المخادع، فالصحوة الكلية مستحيلة، وفي معركة الوعي يكون الصراع بزيادة جرعات المخدر كلما ازدادت صدمات الصحوة ودعوات أهلها.

ومع تطور وسائل التواصل تطورت نوعية المخدر حتى أصبحت أكثر تأثيراً من السحر، وتتطور أكثر وتضل من الناس عدداً أكبر حتى يظهر الدجال.

إن طريقة {… مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29]، أصبحت طريقة قديمة في الحكم وهي صدمة بذاتها، وهي الطريقة التي لم يعد يحكم بها إلا الأغبياء والأتباع الذين يحظون بحماية من النظام الدولي.

إن الطريقة التي طورها أولياء الشيطان هي ماذا ترون؟ و{… فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الشعراء: 35]، وهي في تطور مستمر حتى يخرج الدجال، الذي لا يصطدم إلا مع قلة قليلة من الناس، أما الأكثرية فلا يكرههم على اتباعه، بل يتبعونه طائعين لما يرون من آلته الإعلامية ووسائل الإقناع السحرية التي يستخدمها، ثم يحاربون من حارب ويسالمون من سالم، هو فرد وهم أكثرية، وأعداؤهم أقلية قليلة، ينسحب عليهم وصف المخربين أو الإرهابيين، بل هم الكافرون بالدجال وكفره.

إن الديمقراطية التي تطبق بدقة وبريق أخاذ أخطر من الديكتاتورية الفجة التي تظهر القمع والظلم، فالأولى تُغيِّب عقول الكثير من الناس وتخدعهم باستمرار، والثانية تضغط عليهم وتُحفِّز عقولهم لتبحث عن الخلاص، ولطالما بحثت عنه في الديمقراطية الخادعة، فتستمر الدوامة ولا خلاص إلا بالمنهج الرباني، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103].

ديمقراطية الدجال |كتابات فكرية| | مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442 الأستاذ أبو يحيى الشامي
ديمقراطية الدجال |كتابات فكرية| | مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442
الأستاذ أبو يحيى الشامي

لمتابعة بيقة مقالات مجلة بلاغ العدد 20 جمادى الآخرة 1442

تابع هنا  

وتتساقط الأصنامكلمة التحرير

الركن الدعوي

خيانة أسرة الأسد

– الشيخ محمد سمير

قَالَتْ نَمْلَةٌ..

– بَقِيَّة..

أدب التخفي من الظالم

– الشيخ أبو شعيب طلحة المسير

إغاظة الكفار في الجهاد

– الشيخ أبو حمزة الكردي

 

صدى إدلب

إدلب في شهر جمادى الأولى 1442هـ

– أبو جلال الحموي

لقطة شاشة

– أبو محمد الجنوبي

مواقيت الصلاة في إدلب لشهر جمادى الآخرة 1442هـ

كتابات فكرية

طغيان العقلية البراغماتية

– د. أبو عبد الله الشامي

مفوضية نصر الحريري وعدالة بيدرسون التصالحية.. لحظة النضج؟

– الأستاذ حسين أبو عمر

ديمقراطية الدجال

– الأستاذ أبو يحيى الشامي

 

حماس وإيران؛ وجدلية العلاقة هل هي تقاطع مصالح أم تحالف أم تبعية!

– الأستاذ الزبير أبو معاذ الفلسطيني

ظاهرة التعازي السياسية

– الأستاذ خالد شاكر

الواحة الأدبية

ذكريات ومواقف

1 – الأستاذ غياث الحلبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى