تفريغ حوار أبي العبد أشداء مع مصطفى الشرقاوي حول سجون الهيئة الأمنية

– بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ومرحبا بكم في هذا اللقاء للحديث حول اعتقال هيئة تحرير الشام للصحفي الأمريكي بلال عبد الكريم والأخ أبو حسام البريطاني، ومعي للتعليق على هذا الأمر من إدلب الأخ أبو العبد أشداء.

السلام عليكم ومرحبا بكم

* وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حياك الله.

– يا أهلا وسهلا، الله يحييك ويبارك فيك.

طبعا هذه القضية معروفة للناس في الداخل السوري لكن أحب أن أعرف المشاهدين في الخارج بهذا الموضوع ولذلك نريد منكم نبذة مختصرة عن الأخوين بلال عبد الكريم وأبو حسام ثم ننتقل لبقية الأسئلة.

* باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. بالنسبة للأخ بلال أسلم قبل خمس وعشرين سنة وغير اسمه من “داريل لامونت فيلبس” إلى بلال عبد الكريم فترك أهله وغادر بريق الحضارة وترف العيش في أمريكا لينطلق إلى بلاد المسلمين؛ فاستقر في مصر وتزوج من أرض الكنانة وزار السودان ليتعلم أمور الدين الإسلامي الحنيف، ولما قامت الثورة السورية جاء بلال ليضحي بنفسه في سبيل نصرة المستضعفين وليقدم للأمة ما يستطيع في مجال تخصصه، فكان من أوائل الصحفيين الذين دخلوا سوريا في بداية الثورة سنة 2012م.

كان بلال ينقل معاناة أهل سوريا في العالم من الخطوط الأولى للمعارك وأماكن القصف، وزار المخيمات، وتردد على المشافي، وعمل مقابلات مع قيادات الجهاد، كل ذلك لينقل للعالم حقيقة ما يحصل هنا؛ وتعرفت على الأخ بلال عن قرب أكثر عندما دخل حلب قبل الحصار الثاني وظل معنا في الحصار ينقل معاناة أهلنا في حلب وينقل الإبادة التي تعرضنا لها وظل معنا في حلب حتى تم تهجيرنا فكان بلال هو أشهر إعلامي في حلب المحاصرة. وبعد خروجنا من حلب ظل يعمل ما استطاع على تخفيف معاناة الشعب المسلم المستضعف ونقل الأحداث للعالم حتى تم اعتقاله منذ أكثر من شهر، والحديث عن بلال يطول فهو يحب نصرة الإسلام والمسلمين نحسبه والله حسيبه.

– أسأل الله سبحانه وتعالى أن يفك أسره، ولكن ماذا عن الأخ أبو حسام؟

* بالنسبة للأخ أبو حسام البريطاني اسمه توقير شريف وهو مسلم بريطاني معروف منذ زمن طويل بالعمل الإغاثي في الأماكن التي يتعرض فيها المسلمون للمحن والمجاعات، حيث سافر إلى بلاد عديدة وعرض حياته للخطر واعتقله اليهود في الهجوم على سفينة مرمرة الشهيرة، التي خرجت لكسر حصار غزة سنة 2010، وصل أبو حسام إلى سوريا عام 2013 وكانت له جهود كبيرة في العمل الإغاثي ومساعدة الأرامل والأيتام والمتضررين في شتى بقاع المحرر مثل القلمون والغوطة وحمص والقصير وحلب وإدلب فكان له دور في بناء مدارس لأبناء الشهداء وبناء المساجد.

– جزاه الله خيرا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يفك أسره والسؤال هنا ما هي الطريقة التي اعتقل بها الأخ أبو بلال والأخ أبو حسام وما هي التهم الموجهة إليهما؟

* للأسف تم اعتقالهما بطريقة سيئة فأبو حسام تعرض للضرب أثناء اعتقاله وبلال تم خطفه أثناء خروجه من صلاة المغرب من المسجد ومضى على اعتقالهما أكثر من شهر ونصف. وفي الحقيقة لا توجد تهم واضحة ضدهما ولكن قيادة الهيئة تقول في الإعلام أن سبب اعتقال أبو حسام هو دعم الثوار، والعجيب نفس هذه التهم يمكن تخرج من الروس وغيرهم من أعداء الثورة. وقد خرج أبو حسام البريطاني بعد قرابة شهر من سجنه الأول بعد ضغط ووساطات وكفالة، وبعد أيام شاهد الأمني الذي كان يعذبه فقال له أبو حسام: اتق الله كيف ستلقى الله وأنت تعذب المسلمين؟ فغضب الأمني ورفع في وجهه المسدس واستدعى عناصره وألقى القبض عليه مرة أخرى، ولا نعلم شيئا عنه منذ اعتقاله. ..

أما بالنسبة لبلال عبد الكريم فالرجل يطالب بتحقيق العدالة وقد كشف حقيقة مقتل مروان عمقي بالتعذيب في سجون الهيئة بعد أن زعموا أنه انتحر، وكشف حقيقة تعذيب أبو حسام البريطاني في فترة سجنه الأولى، ووضح كيف أن الأمنيين كشفوا ستر زوجة الإعلامي أحمد رحال، وهو يطالب بالحقوق الشرعية الإسلامية عموما للسجناء فاعتبرت قيادة الهيئة أن ذلك تهديد لهم فاعتقلوه.

– لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون

طيب أخي الكريم هل يوجد أشخاص آخرون مسجونون بنفس هذه التهم أم هذه المسألة مجرد حادثة فردية؟

* بالتأكيد أخي يوجد غيرهما الكثير ولكن بلال عبد الكريم وأبو حسام البريطاني شخصيات معروفة لذا اضطروا لتلفيق تهم لهما، أما واقع القضايا المسيسة والقضايا الأمنية فلا يعرف أهل السجناء عن القضية شيئا ولا يعرفون أين يوجد السجناء أصلا ولا التهم التي سجنوهم بسببها ولا الإجراءات التي يمكن أن تكشف صدق التهمة من كذبها وهذا حدث مع شخصيات كثيرة أشهرها الشيخ أبو مالك التلي والشيخ أبو محمد عاصم الشرعي العام لفصيل أنصار الدين والأخ القائد أبو عمر منهج وغيرهم الكثير والمظاهرات تخرج يوميا تطالب بخروج المعتقلين في المحرر

– الله المستعان، طيب أخي الكريم هل لكم اطلاع على وضع السجن الذي احتجزا فيه، وكيف تسير التحقيقات والجلسات القضائية، وهل يوجد تعذيب في السجون كما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي؟

* أما السجن الذي هم فيه بالضبط فلا أعرف أين هما؛ لأنهما معزولان عن العالم الخارجي بشكل كامل، ولكن لدي معرفة بالسجون التي يوضع فيها أمثال هذه الشخصيات، فأنا كنت مسجونا ظلما العام الماضي بسبب نصحي لقيادة الهيئة بعد سقوط مائة مدينة وقرية بيد الروس بسبب إهمال قيادة الهيئة وتفريطها الإداري والعسكري وغير ذلك، فلم يستجيبوا للنصح وسجنوني، وكذلك سمعت كثيرا من القصص ممن اعتقلوا في الفترة الأخيرة وخرجوا، فالسجون الأمنية في العموم هي عبارة عن أقبية لا ترى الشمس وذات رطوبة شديدة وعالية ويوضع كثير من السجناء في منفردات متر ونصف في مترين ونصف وبداخلها التواليت والطعام وكل شيء، وأحيانا يكون في هذه الزنزانة الصغيرة أربع أو خمس سجناء بمتر ونصف في مترين ونصف، ويوضع في الزنازين الأمنية الجماعية المجاهد مع الشبيح مع الأسير مع الداعشي في مكان واحد، ولا حقوق للأهل في الخارج من تواصل أو زيارات إلا ما تسمح به الأمنية من بعض الزيارات؛ وقد تكون الزيارة كل شهر أو شهرين وقد تصل لبعض السجناء إلى سنة حتى يزوروهم أهلهم زيارة واحدة. بالنسبة لي مثلا لم يسمحوا لأهلي بالزيارة إلا بعد أربعين يوما، بعد وساطات وتدخل الوجهاء والأعيان في المحرر، وللأسف طمشوا أعين أمي وأختي وزوجتي وعاملوهم كأنهم يعاملون شبيحة.  ووضعوني في زنزانة انفرادية متر ونصف في مترين ونصف مدة سجني كلها التي بلغت قرابة الخمسة أشهر. والزنزانة التي بجواري وهي بنفس حجم زنزانتي كان فيها أربع نسوة مع عدد من أولادهن الصغار، تخيل يا رعاك الله. …فأبو حسام وبلال إلى الآن لم يسمحوا لأهلهم بالزيارة ولا حتى مجرد الاتصال الهاتفي ذلك فضلا عن أن يسمحوا لهم بالدفاع عن أنفسهم وجمع أدلة براءتهم وتوكيل من يتولى الدفاع عنهم.

أما بالنسبة للتحقيق والجلسات القضائية فهو غالبا شيء صوري ولا حقيقة له في الأصل، هو فقط ضغط ومفاوضات، فالشيخ التلي اعتقل وخرج دون تهمة ولا محاكمة ولا قضاء وكذلك الشيخ أبو محمد عاصم وهكذا كل السجناء عموما السياسيين طبعا، فعندما سجنوني قالوا لي نخرجك فورا مقابل أن تخرج في مقطع فيديو تغير فيه أقوالك وما قلته من حقائق في فيديو ((كي لا تغرق السفينة))، وظلوا مدة يعرضون علي التراجع، فلما يئسوا من أن أخرج في مقطع فيديو عملوا تحقيق وقضاء صوري.

أما بالنسبة للتعذيب فقد تكلم أبو حسام البريطاني عن شيء واحد مما تعرض له، ويوجد تعذيب أشد منه بكثير، وكنت وقت سجني أسمع كل يوم صراخ المعذبين للأسف.

–  الله المستعان، حتى لا يكون اللقاء مجرد انتقادات فقط نريد أن نقدم بعض الحلول العملية لتحقيق العدالة في مثل هذه القضايا الحساسة.

* أخي هذه ليست قضايا حساسة؛ لأنه بالأصل لا توجد قضايا حقيقية، وقد تكرر من قبل سجن الكثيرين وخرجوا دون أن يعرفوا ما هي قضيتهم التي كانت عليهم ولا الإجراءات التي سارت فيها القضية، أما تحقيق العدالة فبالتزام آداب الإسلام فالأصل براءة الذمة، وللمدعى عليه الحق في تقديم بينته كاملة والاستعانة بمن يعينه على ذلك، والسجن عقوبة لا تكون إلا لسبب حقيقي، وللسجين حقوق ولأهله حقوق أيضا وللمجتمع كذلك الحق في أن يعيش مطمئنا لا يخاف البريء من بطش الأمنيين..

أما إصلاح القضاء الأمني والمسيس فيكون بدخول جميع قضاياه تحت سلطة قضائية حقيقية في المحرر وكف يد الجميع عن هذه القضايا وإعطاء القضاة الصلاحيات الكاملة بدءًا من أمر الاعتقال إلى التحقيق إلى إجراءات سير القضية حتى الحكم فيها فلا يتدخل فيها أحد، ثم لا بد من الرقابة على السجون والمحاكم من جهات معتبرة ممثلة من طلبة العلم في الساحة وأعيان المجتمع.

– جزاك الله خيرا، في نهاية هذا اللقاء أرجو أن توجه رسالة لقيادة الهيئة بشأن المعتقلين والموقوفين في سجونهم.

* أخي الكريم: نصيحتي لقيادة الهيئة أن يتقوا الله جل وعلا وأن يسعوا لتبييض صورتهم أمام حاضنتهم الشعبية في المحرر فهذا أهم من تبييض صورتهم أمام الغرب، والله جل وعلا يقول: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} فعليهم بالرحمة والتواضع والشورى والله جل وعلا يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} فأسلمة المجتمع لا تعني فقط تحرير منطقة من النظام البعثي، بل لا بد من خلع عادات وأساليب النظام الجاهلي وإعادة رسم نظم المجتمع وفق نظام الإسلام الشامل لكل شؤون الحياة، فليتقوا الله جل وعلا ولا يفتنوا الناس عن طريق الجهاد والثورة بهذه المظالم التي تضر ولا تنفع وتفسد ولا تصلح، وليتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.

– أسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوالهم وجزاكم الله خيرا على هذا اللقاء، شكرا لكم.

* حياك الله أخي الله يبارك فيك جزاك الله خيرا.

لمشاهدة  حوار أبي العبد أشداء مع مصطفى الشرقاوي حول سجون الهيئة الأمنية  قم بالضغط هنا 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى