أسيراتنا وأسرانا والخذلان || كلمة – التحرير ||مجلة بلاغ – العدد ٢٥ – ذو القعدة ١٤٤٢⁩

مقالات مجلة بلاغ العدد ٢٥ ذو القعدة ١٤٤٢

كلمة التحرير

كثيرة هي ملفات الثورة السورية وقضاياها، ولكن أكثر الملفات إهمالا وأشدها ألما ملف أخواتنا الأسيرات وإخواننا الأسرى وأطفالنا المحبوسين في مسالخ العدو النصيري.

عشرات الآلاف من أهلنا يعيشون منذ سنين متطاولة في جحيم التعذيب والذل، يتمنون الموت كل حين ويموتون كل يوم مرات، لا هم من أهل الدنيا فيعيشون مثل الناس ولا هم من أهل القبور فيرتاحون من وسخ الدنيا، لسان حالهم:

ليت شعري كيف البلاد

وكيف الإنس والوحش والسما والماء

طال عهدي عن كل ذلك

وليلي ونهاري في مقلتي سواء

ليس حظي من البسيطة

إلا قدر قبر صبيحة أو مساء

 

أما أهلهم فالهم والغم والحزن والألم والأمراض يلازمهم، لا يعلمون أحي قريبهم فيعيشون على أمل لقاه أو ميت فيعزيهم الناس ويواسونهم وتمضي الحياة فتتزوج الأرملة وتُقسم التركة، ترتج قلوبهم مع كل شائعة ويتعلقون بكل قشة ويسلكون كل سبيل على أمل الوصول لخبر عن قرة عينهم.

ورغم أن الثورة السورية قطعت عشر سنوات من عمرها ومرت بمراحل كثيرة فتحت فيها المدن والقرى وأسرت من جنود العدو كثيرين وسيطرت على المال والعتاد الطائل وحاصرت مناطق للعدو وهددت مصالح له ولحلفائه.. إلا أن العناية بملف الأسرى لم تكن بذاك المستوى المرجو ولا قريبة منه، فحصلت عمليات تبادل أسرى وفكاك بعضهم بالمال وتهريب بعضهم واقتحام سجون، إلا أنها في المجمل لم تكن بمستوى وحجم المساجين الذين في أسر العدو الغاشم ولا بالجدية التي تعبر عن العناية والأهمية الكبرى لهذا الملف.

بل ومن المؤسف أن تظهر مع الأيام حقائق عن فرص كبيرة مرت في تلك السنين العشر استخف فيها بعض المتصدرين بمعاناة الأسرى، ولم يبالوا بهم، كما ظهر قبل أيام من تصريح الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد أن عشرات من الحرس الثوري الإيراني وقعوا في أسر الثوار آخر سنة 2012، وحصل إطلاق لسراحهم مقابل ملايين الدولارات دفعتها قطر، وكما ظهر من حقائق تتعلق بإعدام أحد زعماء النصيرية الكبار وهو بدر غزال سنة 2013 عندما وقع في أسر المجاهدين وعرضت طائفته إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى مقابل إطلاق سراحه، فلم يُعبأ بذلك.

 

ومن المؤسف وقد ارتبط كثيرون بالمؤامرات السياسية وركنوا للدعة والهدن التي يقررها العدو وقتما شاء ويخرقها وقتما شاء ويهدئ وقتما شاء ويُصعِّد وقتما شاء، أن العمل على ملف الأسرى ازداد ضعفا فوق ضعفه السابق، فلا عمليات جديدة تهدف لأسر جنود العدو ومبادلتهم بأسرانا ولا اقتحامات للسجون بل ولا تغطية إعلامية قوية لهذا الملف المهم جدا.

ويزداد الأمر سوءا عندما تنتهج بعض الأجهزة الأمنية في المناطق التي حُررت بدماء الشهداء وبآلام الأسرى طريقا فيه بعض شبه لطريق العدو المجرم فتكون الاعتقالات بلا سبب حقيقي ويكون التعذيب دارجا في أقبيتها وتكون السجون لا آدمية ويكون أهالي السجناء بلا حقوق، في انقلاب مؤسف على مبادئ الثورة والجهاد.

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ

إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

* إن الحديث عن الأسيرات والأسرى حديث ذو شجون وشجون، ولا بد أن توضع قضيتهم كأولوية كبرى تشغل بالنا جميعا، وليبذل كل وسعه وطاقته، فمن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.

فاللهم فك قيد أسيرات المسلمين وأسراهم، واربط على قلوبهم أهلهم، وألهم المجاهدين رشدهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل. 

بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٢٥ ذو القعدة ١٤٤٢ هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى