{وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} – كلمة التحرير- مقالات مجلة بلاغ العدد ٦٠ – شوال ١٤٤٥ هـ

كلمة التحرير

من طبيعة الطغاة الاستبداد والتفرد في الرأي واحتقار المخالفين، وهذا هو نهج فرعون الذي حكى الله عنه أنه قال: {مَاۤ أُرِیكُمۡ إِلَّا مَاۤ أَرَىٰ وَمَاۤ أَهۡدِیكُمۡ إِلَّا سَبِیلَ ٱلرَّشَادِ} [سُورَةُ غَافِرٍ: ٢٩]

والطاغية لشدة إعجابه ووهمه بنفوذ بصيرته يتجرأ على مخالفة النقل والعقل، ويرى أنه بفعلته يحقق مصلحة غابت عن الأمة بأسرها وتجلت واضحة له عياناً، ولذلك يرفض نصح الناصحين ويطعن في المنكرين عنه، وتكون عقوبة ذلك أن يطمس الله على بصيرته ولا يأتي بفعل إلا انقلب عليه وعاد وباله إليه، قال ابن القيم: “ومن لم يقبل هدى الله ولم يرفع له رأساً دخل قلبه في الغلاف والأكنة فأظلم وعمي عن البصيرة فحجبت عنه حقائق الإيمان، فيرى الحق باطلاً والباطل حقاً والرشد غياً والغي رشداً” انتهى.

ولا سبيل إلى استعادة البصيرة إلا بتقوى الله، كما قال ربنا: {إِن تَتَّقُوا۟ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانࣰا} [سُورَةُ الأَنفَالِ: ٢٩]

وقال: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَءَامِنُوا۟ بِرَسُولِهِۦ یُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَیۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَیَجۡعَل لَّكُمۡ نُورࣰا تَمۡشُونَ بِهِ} [سُورَةُ الحَدِيدِ: ٢٨]

فالطريق إذن واضح؛ من أراد البصيرة فعليه بتقوى الله والكف عن اتباع خطوات المجرمين والفراعنة، ومن أعرض عن هدى الله فلن يزال في حيرة وتخبط وتيه حتى يسلمه رأيه إلى الهلاك، {وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادࣲ} [سُورَةُ غَافِرٍ: ٣٣].

Exit mobile version