وحاذر فما الحزم إِلا الحذر[1]
هذا شطر بيت لابن نباتة جمع فيه بين الحزم والحذر، وهما صفتان من أهم صفات الفرسان الشجعان؛ لذا جاء الأمر بالحذر للرجال الحازمين المجاهدين في سبيل الله تعالى، كما قال جل وعلا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾، وقال جل وعلا: ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ وقال جل وعلا عن المنافقين: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾.
قال القرطبي: “وهذا يدل على تأكيد التأهب والحذر من العدو وترك الاستسلام؛ فإن الجيش ما جاءه قط مصاب إلا من تفريط في حذر”.
وإننا اليوم وبعد عشر سنين من الثورة السورية المباركة نجد أنه من الواجب على المجاهدين التأكيد على أهمية الحذر، فالمعركة لم تنته بعد، بل هي فصول وقد تكون بعض فصولها لم تبدأ بعد.
وإن هذه الثورة المباركة التي أذهلت العالم بثباتها وتضحياتها قد تكالب عليها الحاقدون من كل حدب وصوب وتبادل الأعداء الأدوار؛ فللمحتل الروسي والإيراني دوره، وللشبيحة دورهم، ولملاحدة ال ب ك ك دورهم، وللتحالف الصليبي دوره، وللدواعش دورهم، وللدول المتآمرة دورها، وللصوص الثورة دورهم..
وإن تجارب الثورة شهدت تقلبات أناس لهم معرفة بدخائل المجاهدين؛ فمنهم من التحق بالشبيحة، ومنهم من التحق بالفرقة الرابعة أو الخامسة في الجيش النصيري، ومنهم من التحق بملاحدة الكرد، ومنهم من التحق بالبنتاجون، ومنهم من التحق بالدواعش، ومنهم من التحق بلصوص الثورة، ومنهم آخرون لا تعلمونهم الله يعلمهم.
وإن ما نشهده اليوم من تزايد مؤامرات الحاقدين على المجاهدين، وتنوع مصادر الأذى الذي يراد إيصاله للصالحين، خاصة مع الحديث عن مناطق بحماية روسية وأخرى بحماية تركية، ليوجب المزيد من الحيطة والحذر حيال تلك المستجدات.
وإن العاقل الحازم يبذل وسعه في جهاد الكفار دون أن يخلع ثوب الحذر، فمسيرة الجهاد أطول من الواقع الميداني اليوم، والواجبات المناطة بطلائع الأمة الصادقين أكبر وأعظم مما يظنون.
ومما يعين المرء على الحذر: اللجوء إلى الله تعالى وصدق التوكل عليه، ثم قطع العلائق التي تربط المرء بالأرض وتغيير العوائد التي تظهر للناس، فتلك مداخل إبليس وجنده التي منها يتلصصون على المجاهدين ومن خلالها يتتبعونهم، فليس للسكن ولا للعمل ولا للعلاقات الاجتماعية ولا لأجهزة التواصل صورة واحدة لا محيد عنها، بل ما أكثر الوسائل التي تحقق الغايات النبيلة مع الحذر من مصائد الأعداء.
فالحذر الحذر فما الحزم إلا الحذر.
كتبها
أبو شعيب طلحة محمد المسير
لتحميل نسخة كاملة من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد bdf اضغط هنا
للقرأة من الموقع تابع ⇓