هلا استقويتم بالله، ثم بأهل الكفالة؟!
أرسل لي بعض الإخوة هذا البيان، وقد كنت قرأته، يطلبون مني تعليقاً عليه، لكني تريثت حتى تنتهي التعليقات المائلة إلى هذه الجهة أو تلك، وحتى يستحضر أهل الإنصاف إخلاصهم ومسؤوليتهم أمام الله والعباد.
أقول مستعيناً بالله:
صدر بيان عجيب منكر من عدد من الشخصيات متعددة الصفات والألقاب ضد هيئة تحرير الشام، يطلبون من تركيا كحليف للثورة التدخل ضد الهيئة المصنفة على لائحة الإرهاب لدى تركيا وغيرها.
جاء في البيان أن الهيئة قامت بمحاربة فصائل ثورية وتفكيكها، وأرهبت الناس وأرهقتهم بالمكوس، مما أضعف مقاومة المناطق المحررة للمحتلين والنظام المجرم، وساعدت الانقلابيين في حركة أحرار الشام ضد قيادة الحركة مؤخراً.
قرأت تعليقات تنكر على من أصدر البيان التوقيت فهو في وقت استهداف العدو الروسي للثورة بالقصف والقتل، وتنكر الاستقواء بالخارج ولو كان تركيا على مكون من مكونات الثورة، من الضرر بمكان وصفه بصفة الإرهاب التي يستخدمها النظام الدولي، ولم ينكر أحد التهم التي وجهها مصدرو البيان إلى الهيئة.
ومع إنكاري على من أصدر البيان للأسباب الآنفة، أنكر على الهيئة ما يماثل هذا البيان لكن بفعلها لا بقولها، فلقد تكرر استهداف الهيئة للمجاهدين في توقيت معارك مصيرية معروفة، ومما هو ماثل بيننا واضح المعالم لا ينتهي، استهداف مجاهدي حراس الدين وملاحقتهم واعتقالهم وملاحقة غيرهم من تنسيقية الجهاد وأنصار الدين ومن المستقلين الذين نادوا بالإصلاح وكف يد الظلم ومد يد الشورى والعدل، في الوقت الذي تستهدفهم فيه طائرات التحالف وتقتل منهم ومن المدنيين ووجهائهم ومقدميهم، فبئس العمل وبئس التوقيت.
ولا يصرف الناقد البصير المؤمن بالله واليوم الأخر عن إنصاف المجاهد المسلم صارف، ولو كان التصنيف كما هو حال الحراس والهيئة، فهم مجاهدون مسلمون وإن اختلفنا معهم في الاجتهاد، فعلام تنكر لأجل هذا ولا تنكر لأجل ذاك؟!
ومع إنكاري على من أصدر البيان أنه لم يلجأ إلى الشرع ليكون الحَكَم العدل، ثم الشعب المسلم الثائر ليكون الرقيب الشاهد، أنكر على من لا يقبل بدعوات التحاكم العلنية في أي وقت كان ومع أي داعٍ إلى الشرع كان، ولا يأبه لرأي وشهادة الشعب المسلم الثائر، ويستمر بالضغط على غيره فيثبت بعضهم ويُفتتن آخرون، والعياذ بالله.
ولقد دعا الشيخ أبو محمد السوداني -تقبله الله- قيادة هيئة تحرير الشام إلى التحاكم إلى شرع الله علناً، وعرض عليهم خطة رشد فلم يستجيبوا لها، وما خبر هذا عن أهل الشام ببعيد، كما أن أهل السجناء لدى هيئة تحرير الشام كبلال عبدالكريم وتوقير شريف دعوا الهيئة إلى محاكمة أبنائهم علناً فلم يحصلوا على رد إلا الاتهامات الموجهة إلى أبنائهم فقط، وقد خرج عدد من السجناء الذين اتهمهم إعلام الهيئة بتهم خطيرة دون محاكمة ولا حكم ولا تعليق، خرجوا بيض الوجوه بيض الصحائف كأحمد رحال وأبي العبد أشداء وأبي حمزة الكردي ومؤخراً أبي عمر منهج، وقبلهم ثوار من فصائل كثيرة منهم أبو عبدالله الخولي، وما خبره بالمجهول.
إن الاستقواء بالخارج وتحريضه على مكون من مكونات الثورة في وقت استهداف العدو لنا، لا يختلف كثيراً عن استعمال يد القوة الظالمة ضد فرد أو مجموعة أو فصيل ثوري في وقت استهداف العدو أيضاً، وإن التحاكم إلى الشرع وسماع صوت الشعب المسلم الثائر الشاهد على هؤلاء وهؤلاء، هو المطلوب المقبول، وغير ذلك فمنكر ننكره على هؤلاء وهؤلاء.
فمالِ بعض المتصدرين يرون وينقلون بانتقائية آثمة، فيفرحون ويحزنون ويمدحون ويذمون ويحرِّضون ويدافعون ويُعزون ويشمَتون أو يصمتون، وكأنهم يقسمون أهل الشام المجاهدين الثائرين برأيهم هذا كذا وهذا كذا، كمثل فعل الخوارج وهم لا يعلمون!.
إن المرجعية الجامعة هي الشرع الحكيم، والحاضن الجامع والشاهد الحاضر هو الشعب المسلم الثائر، من انحاز إليه وأخلص النية أوتي خيراً عظيماً، فهلا استقويتم بالله ثم بأهل الكفالة؟!.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]
أبو يحيى الشامي