نظرات في الواقع والمآلات | كتابات فكرية | مجلة بلاغ العدد التاسع عشر جمادى الأولى 1442هجرية

د. محمود السايح

يزداد الحديث عن إمكانية تمدد هيئة تحرير الشام باتجاه مناطق النفوذ التركي في شمال وشرق حلب التي تغص بمقاتلي الجيش الوطني والشرطة.

ويتم تداول متعمد لتسريبات إعلامية تمهد للإيحاء المؤثر باتجاه الحاضنة الشعبية بإمكانية تبني مثل هذه الخطوات، فقبل أيام تم تغطية زيارة مثيرة للجدل لشرعيي جيش الفتح الشيخين العلياني والمحيسني إلى عفرين.

ثم يأتي تباعا تداول موقف شرعي جيش الإسلام الشيخ كعكة وتعمد إثارة الضجيج حوله بين منتقد ومؤيد لتأكيد أن هنالك احتمالية واردة في أن الجهات الإقليمية تضغط على الجهات المحلية بعصى ثقيلة تهدد بإنهاء توكيلها وتحويله إلى وكيل حصري أقوى وأكثر انتظاما وهو تنظيم هيئة تحرير الشام.

وما بين زيارة ثنائي العلياني المحيسني في جانب وتصريحات كعكة في الجانب الآخر لا بد من بروز احتمالية تغييرات جادة في الساحة؛ فهذه الجدليات كانت على الدوام مقدمات لتمرير اللحظات الحاسمة في المشهد.

ووسط انسحاب النقاط التركية من مواقعها السابقة بدءا من الراشدين وانتهاء بمورك يبدو أن طريق ال M5 أصبح سالكا باتجاه التغيير التراجيدي الذي تمهد له جدالات الشرعيين، مع حديث عن تبادل الدول للمواقع المتفق عليه بينها ما بين شرق الفرات بدءا من منبج وما بين جنوب ال M4 بدءا من أريحا بهدف جعل الاستراد الدولي خاليا من أي عائق وجاهزا لإعادة الانسيابية الحركية ليربط مناطق النفوذ الأمريكي شرق الفرات بدءا من القامشلي بمناطق النفوذ التركي ثم مناطق النفوذ الروسي وصولا لدمشق بعد ترويض القوى المحلية في كل منطقة.

وعلى أنغام القصف وضجيج الطائرات التي تحلق وتحلق دون مهام قتالية هجومية حتى الآن يتوضح المشهد تدريجيا.

ووسط إصرار الروس على إعادة سيناريو الترحيل الذي يريدون منه أن يطول مجموعات محسوبة على الهيئة من جبل الزاوية ومحيط أريحا وجبال التركمان والأكراد باتجاه مناطق النفوذ التركي في ريف حلب لإعادة جدليات وأدبيات وسلوكيات الاقتتال الفصائلي بين الإخوة الأعداء ولا سيما هيئة تحرير الشام وجيش الإسلام. فهذا السيناريو هو الأكثر جدوى بالنسبة لمدير الملف السوري.

فيما يبدو أن مهندسي التمدد المفترض للهيئة باتجاه مناطق ريف حلب يبذلون وسعهم في سياق المخطط الإقليمي لتطبيق استراتيجية الثورة التي تأكل نفسها وتنتحر بالتخمة قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 2021.

يضاف إلى ذلك تسريبات قوية تؤكد عودة المخطط الأمريكي لإعادة ربط خيوط اللعبة المتناثرة في ساحة الشام بعد استلام جو بايدن سدة البيت الأبيض.

• وإزاء هذا الواقع توجد فرصة مهمة لثبات صاحب القضية الأصلي، ليعود ظهوره كطرف يبحث عن هويته المحتجزة خلف الجدران الممتدة وليتلمس الطريق إلى الخلاص بعيدا عن سوق الرقيق والارتزاق.

لمتابعة بقية مقالات مجلة بلاغ العدد التاسع عشر جمادى الاولى 1442 للهجرة _ كانون الثاني 2021 للميلاد اضغط هنا 

من إدلب سوريا Syria İdlib