الشيخ: همام أبو عبد الله
كلما جاء يوم عاشوراء المبارك، ذكرى نجاة نبي الله موسى عليه السلام وإهلاك فرعون، وصيامه شكرا لله جل وعلا على هذه النعمة العظيمة، جعله الرافضة يوم مأتم وعويل وطلب للثأر؛ لأن الحسين بن علي رضي الله عنه مات شهيدا في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين من الهجرة.
والحق أننا معاشر أهل السنة أولى بالحسين رضي الله عنه من أولئك الرافضة، كما كنا أولى بموسى عليه السلام من اليهود، وأن نسبة الرافضة اليوم للحسين رضي الله عنه هي كنسبة اليهود اليوم لموسى عليه السلام، خاصة وأن مشابهة الرافضة لليهود وتقليدهم لهم في كثير من عقائدهم في الإمامة والوصية والغيبة والرجعة والتقية وتحريف كتاب الله لها أصول يهودية معلومة، يمكن مراجعة بعضها في كتاب “بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود”.
– نعم، نحن أولى بالحسين رضي الله عنه منهم؛ فنحن نوافقه في اعتقاده فنفرد الله جل وعلا بالعبادة، ونتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، ونحب آل البيت، ونترضى عن الصحابة، ونبغض ونعادي قتلته رضي الله عنه، خلافا لمن يعبد ويدعو غير الله، وخلافا لمن يبتدع غير هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلافا لمن يغلو في آل البيت، وخلافا لمن يعادي الصحابة، وخلافا لمن سار على نهج القتلة فسفك دماء الأبرياء وانتهك أعراضهم.
– نحن أولى بالحسين منهم؛ فنحن نطوف بالكعبة التي كان يطوف حولها، ونقرأ في المصحف الذي كان يقرؤه، ونترضى عن أمهات المؤمنين اللاتي كان يتولاهن، خلافا لمن يطوف حول القبور والأضرحة، ويزعم وجود مصحف مخفي لم يصل لنا اسمه مصحف فاطمة، وخلافا لمن يبغض أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن.
– وليسأل كل متابع نفسه: هل رأى أحد سُنِّيا يسب الحسين رضي الله عنه أو يفرح بمقتله أو حتى ينقبض من ذكر اسمه؟
ثم ليسأل نفسه: هل رأى أحد رافضيا يسب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو يفرح بمقتله أو ينقبض من اسمه؟
وبذا يعلم مقدار حب أهل السنة للحسين رضي الله عنه ولمن يحبهم الحسين، ويعلم مقدار بغض الرافضة لعمر رضي الله عنه ولمن يحبهم الحسين رضي الله عنه.
– وإن الظلم الذي وقع على إمام من أئمة أهل السنة وهو الحسين رضي الله عنه وقع كذلك على غيره من أئمة السنة كعبد الله بن الزبير رضي الله عنه وسعيد بن جبير، بل قُتل من الصحابة وأبنائهم ثلاثمائة وستة أنفس يوم الحرة بالمدينة، ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “مَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ”.
– ويوم كربلاء لم تكن نشأت مذاهب الشيعة المعروفة في كتب الملل والنحل، بل كان يطلق وقتها لفظ “شيعة علي رضي الله عنه” على من قاتل مع علي رضي الله عنه، وعامتهم هم أئمة الإسلام من الصحابة والتابعين الصالحين الذين يترضون عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين ولا ينتسبون لطائفة الشيعة البدعية التي ظهرت فيما بعد، بل لما ظهر قوم من السبأية يغلون في علي رضي الله عنه حرقهم علي رضي الله عنه بالنار.
– ولم يكن في معركة كربلاء فريق من المتقاتلين يوصف بأنه جيش أهل السنة، بل الإسلام هو الوصف الذي كان يجمع الفريقين يومئذ، ولكن هناك مسلم تقي ومسلم فاسق، ولا شك أن الحسين رضي الله عنه كان من المتقين وأن الفاسقين هم من قتلوه.
– وقد قابل عامة المسلمين يومها مقتل الحسين رضي الله عنه بالغضب الشديد والبراءة التامة، ولم تمض سوى سنين قليلة حتى أصاب القصاصُ قتلةَ الحسين رضي الله عنه، قال الذهبي عن المختار الثقفي الذي أظهر في البداية ولاءه لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه وحبه لآل البيت ثم تبين بعد ذلك أنه كذاب يدعي نزول الوحي عليه: “وَأَبَادَ طَائِفَةً مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ وَاقْتَصَّ اللهُ مِنَ الْظَّلَمَةِ بِالْفَجَرَةِ”.
– أما جعل يوم عاشوراء مأتما لأنه اليوم الذي قُتل فيه الحسين رضي الله عنه فهذا من البدع؛ فقد قَتل الخوارجُ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يصبح يوم مقتله مأتما سنويا، وقتل اليهود يحيى وزكريا عليهما السلام ولم يصبح يوم مقتلهما مأتما سنويا، وكذلك قتل قابيل هابيل..
* رضي الله عن الحسين سيد شباب أهل الجنة، وثبتنا على طريقه، وجنبنا البدع والفتن ما ظهر منها وما بطن، وألحقنا به على خير.