مفهوم الأمانة وأثره في استمرار الثورة – كتابات فكرية – مجلة بلاغ العدد ٤٩ – ذو القعدة ١٤٤٤ هـ

الدكتور: أبو عبد الله الشامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:

فالأمَانَة:

– يقوم عليها أمر السَّموات والأرض،

– وهي أصل الدِّين وامتحان ربِّ العالمين،

– وبالأمَانَة يُحْفَظ الدِّين والدنيا والدماء والأعراض والأموال،

– والأمين يحبُّه الله ويحبُّه النَّاس،

– والخائن يبغضه الله ويبغضه الناس،

– ومجتمع تنتشر فيه الأمَانَة هو مجتمع خيرٍ وبركة وسعادة،

– ومجتمع يفشو فيه النفاق وتنتشر فيه الخيانة هو مجتمع شر وشؤم وخسران.

ومع وصول الثورة الشامية وجهاد أهلها المبارك إلى مرحلة مفصلية مصيرية تآمر فيها محورا الثورة المضادة الخشنة والناعمة على إنهاء الثورة وإعادة إنتاج عصابة البعث سياسيا كما تم إعادة انتاجها ميدانيا، مع هذا كله يغدو من الأهمية بمكان ترسيخ مفهوم الأمانة بالمعنى الشرعي الشامل، وتبيان أثره في “استمرار الثورة حتى نيل إحدى الحسنيين” باعتباره هدفا لجميع الصادقين، فأقول وبالله التوفيق:

أولا – مفهوم الأمانة:

أ – معنى الأمَانَة لغةً:

الأمانة ضد الخيانة، وأصل الأَمْن: طمأنينة النفس وزوال الخوف، والأمانة مصدر أمن بالكسر أمانة فهو أمين، ثم استعمل المصدر في الأعيان مجازًا، فقيل: الوديعة أمانة، ونحوه، والجمع أمانات، فالأمانة اسم لما يُؤمَّن عليه الإنسان، نحو قوله تعالى: ((وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ)) أي: ما ائتمنتم عليه، وقوله: ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)).

ب – معنى الأمَانَة اصطلاحًا: 

– الأمانة: قيل هي: {كلُّ حقٍّ لزمك أداؤه وحفظه}.

– وقيل هي: {التَّعفُّف عمَّا يتصرَّف الإنسان فيه مِن مال وغيره، وما يوثق به عليه مِن الأعراض والحرم مع القدرة عليه، وردُّ ما يستودع إلى مودعه}.

– وقال الكفوي: {كلُّ ما افترض على العباد فهو أمانة، كصلاة وزكاة وصيام وأداء دين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار}.

– في قوله عزَّ وجلَّ: ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)).

قال العوفي، عن ابن عباس: يعني بالأمانة: الطاعة، وعرضها عليهم قبل أن يعرضها على آدم، فلم يطقنها، فقال لآدم: إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ بما فيها؟ قال: يا رب، وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت. فأخذها آدم فتحملها، فذلك قوله: ((وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، الأمانة: الفرائض، عرضها الله على السموات والأرض والجبال، إن أدوها أثابهم، وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله ألا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها، وهو قوله: ((وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)) يعني: غرا بأمر الله.

وهكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، والحسن البصري، وغير واحد: ألا إن الأمانة هي الفرائض.

وقال آخرون: هي الطاعة.

وقال قتادة: الأمانة: الدين والفرائض والحدود.

وقال مالك، عن زيد بن أسلم، قال: الأمانة ثلاثة: الصلاة، والصوم، والاغتسال من الجنابة.

يقول ابن كثير رحمه الله: {وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها، بل هي متفقة وراجعة إلى أنها “التكليف”، وقبول الأوامر والنواهي بشرطها، وهو أنه إن قام بذلك أثيب، وإن تركها عوقب، فقبلها الإنسان على ضعفه وجهله وظلمه، إلا من وفق الله، وبالله المستعان}.

– قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)).

قال ابن تيمية رحمه الله: {قال العلماء: نزلت… في ولاة الأمور: عليهم أن يؤدُّوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين النَّاس أن يحكموا بالعدل…، وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة}.

وقال الشَّوكاني رحمه الله: {هذه الآية مِن أمَّهات الآيات المشتملة على كثير مِن أحكام الشَّرع؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّ الخطاب يشمل جميع النَّاس في جميع الأمانات، وقد رُوِي عن علي، وزيد بن أسلم، وشهر بن حوشب، أنَّها خطاب لولاة المسلمين، والأوَّل أظهر، وورودها على سبب لا ينافي ما فيها مِن العموم، فالاعتبار بعموم اللَّفظ لا بخصوص السَّبب، كما تقرَّر في الأصول، وتدخل الولاة في هذا الخطاب دخولًا أوَّليًّا، فيجب عليهم تأدية ما لديهم مِن الأمانات، وردُّ الظُّلامات، وتحرِّي العدل في أحكامهم، ويدخل غيرهم مِن النَّاس في الخطاب، فيجب عليهم ردُّ ما لديهم مِن الأمانات، والتَّحرِّي في الشهادات والأخبار. وممَّن قال بعموم هذا الخطاب: البراء بن عازب، وابن مسعود، وابن عبَّاس، وأبيُّ بن كعب، واختاره جمهور المفسِّرين، ومنهم ابن جرير، وأجمعوا على أنَّ الأمانات مردودة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار، كما قال ابن المنذر}.

– وقال تعالى في ذكر صفات المفلحين: ((وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)) أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربِّه، كالتَّكاليف السِّرِّيَّة، التي لا يطَّلع عليها إلَّا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار.

ج – من صور الأمانة:

تبين لنا مما سبق أن الأمانة بمفهومها الشرعي الشامل باب واسعٌ جدًّا، وأصلها أمران:

– أمانة في حقوق الله: وهي أمانة العبد في عبادات الله عزَّ وجلَّ.

 – وأمانة في حقوق البشر.

وفيما يأتي تفصيل لبعض الصور التي تندرج تحتهما:

1 – الأمَانَة فيما افترضه الله على عباده من عبادات.

2 – الأمَانَة المالية: ومنها العفَّة عمَّا ليس للإنسان به حقٌّ مِن المال، وتأدية ما عليه مِن حقٍّ لذويه، وتأدية ما تحت يده منه لأصحاب الحقِّ فيه، وتدخل في البيوع والديون والمواريث والودائع والرهون والعواري والوصايا وأنواع الولايات الكبرى والصُّغرى وغير ذلك.

 3 – الأمَانَة في الأعراض: ومنها العفَّة عمَّا ليس للإنسان فيه حقٌّ منها، وكفُّ النَّفس واللِّسان عن نيل شيء منها بسوء، كالقذف والغيبة.

4 – الأمَانَة في الدماء: ومنها كفُّ النَّفس واليد عن التَّعرُّض لها بسوء، من قتل أو جرح أو ضرٍّ أو أذى.

5 – الأمَانَة العلمية: ومنها تأديتها دون تحريف أو تغيير، ونسبة الأقوال إلى أصحابها، وعدم انتحال الإنسان ما لغيره منها.

6 – الأمَانَة في الولايات: ومنها تأدية الحقوق إلى أهلها، وإسناد الأعمال إلى مستحقِّيها الأكفاء لها، وحفظ أموال النَّاس وأجسامهم وأرواحهم وعقولهم، وصيانتها ممَّا يؤذيها أو يضرُّ بها، وحفظ الدِّين الذي ارتضاه الله لعباده مِن أن يناله أحدٌ بسوء.

7 – الأمَانَة في الشَّهادة: وذلك بتحمُّلها بحسب ما هي عليه في الواقع، وبأدائها دون تحريف أو تغيير أو زيادة أو نقصان.

8 – الأمَانَة في القضاء: وذلك بتحكيم شرع الله، وبإصدار الأحكام وفْقَ أحكام العدل التي استُؤْمِن القاضي عليها، وفُوِّض الأمر فيها إليه.

9 – الأمَانَة في الكتابة: وذلك بأن تكون على وفْقِ ما يمليه ممليها، وعلى وفْقِ الأصل الذي تُنْسَخ عنه، فلا يكون فيها تغيير ولا تبديل ولا زيادة ولا نقص، وإذا كانت مِن إنشاء كاتبها فالأمَانَة فيها أن تكون مضامينها خالية مِن الكذب، والتَّلاعب بالحقائق، إلى غير ذلك.

 10 – الأمَانَة في الأسرار: وذلك بحفظها وعدم إفشائها وبكتمانها.

11 – الأمَانَة في الرِّسالات: وتكون الأمَانَة فيها بتبليغها إلى أهلها تامَّة غير منقوصة ولا مزاد عليها، وعلى وفْقِ رغبة محمِّلها، سواء أكانت رسالة لفظيَّة أو كتابيَّة أو عمليَّة.

12 – الأمَانَة في السَّمع والبصر وسائر الحواس: وتكون الأمَانَة فيها بكفِّها عن العدوان على أصحاب الحقوق، وبحفظها عن معصية الله فيها، وبتوجيهها للقيام بما يجب فيها مِن أعمال، فاستراق السَّمع خيانة، واستراق النَّظر إلى ما لا يحلُّ النَّظر إليه خيانة، واستراق اللَّمس المحرَّم خيانة، ومِن معاني الأمَانَة أن تنظر إلى حواسك التي أنعم الله بها عليك، وإلى المواهب التي خصَّك بها، وإلى ما حُبيت مِن أموالٍ وأولادٍ، فتدرك أنَّها ودائع الله الغالية عندك، فيجب أن تسخرها في قرباته، وأن تستخدمها في مرضاته. فإن امتُحِنتَ بنقص شيء منها فلا يستخفَّنَّك الجزع متوهمًا أنَّ ملكك المحض قد سُلب منك، فالله أولى بك منك، وأولى بما أفاء عليك، وله ما أخذ وله ما أعطى. وإن امتُحِنتَ ببقائها فما ينبغي أن تجبن بها عن جهاد، أو تفتتن بها عن طاعة، أو تستقوي بها على معصية، قال الله عزَّ وجلَّ: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)).

13 – الأمَانَة في النُّصح والمشورة: ومِن صور الأمَانَة أن تنصح مَن استشارك، وأن تَصْدُق مَن وَثَقَ برأيك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المستشار مؤتمن).

ثانيا – أثر مفهوم الأمانة في استمرار الثورة:

بداية لا بد من الإشارة إلى أن حالة الضعف ورهن القرار والتراجع الميداني والسياسي للثورة لا يرجع إلى العوامل الموضوعية الخارجية المتمثلة بتآمر محوري الثورة المضادة الخشنة والناعمة فحسب؛ فهذا متوقع من البداية ومع أي حراك هادف للتحرر من سلطان المنظومة الدولية الجاهلية وأدواتها، وعليه؛ فالعامل الذاتي له دور كبير في حالة الضعف القائمة، وفيما يأتي بعض مظاهر ضياع وتضييع الأمانة بوصفه أبرز العوامل الذاتية المؤثرة:

1 – توسيد الأمر لغير أهله: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدِّث القوم، جاء أعرابيٌّ فقال: متى السَّاعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين أُراه السَّائل عن السَّاعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: فإذا ضُيِّعت الأمَانَة فانتظر السَّاعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: “إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله” فانتظر السَّاعة) ومن آثار هذا تسلط إطارات وظيفية سياسية وميدانية عملت على رهن قرار الثورة وتاجرت بتضحياتها وضيعت مقدراتها فكان أسعد الناس بها أعداء الثورة.

2 – الفساد المالي: فعن ابن أبي نجيح، قال: {لما أُتِي عمر بتاج كسرى وسواريه جعل يقلبه بعود في يده، ويقول: والله إنَّ الذي أدَّى إلينا هذا لأمين. فقال رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدُّون إليك ما أدَّيت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت}، وعن هشام أنَّ عمر قال: {لا تغرّني صلاة امرئ ولا صومه، مَن شاء صام، ومَن شاء صلى، لا دين لمن لا أمانة له}، ومن آثار هذا تضييع مقدرات الثورة المادية وتبديدها على مصالح شخصية وحزبية والاقتتال بسببها وقبول الدعم الخارجي.

3 – فشو النفاق وانتشار الخيانة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث؛ إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، وفي رواية (وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)، وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: (حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدَّثنا أنَّ الأمَانَة نزلت في جذر قلوب الرِّجال، ثمَّ علموا مِن القرآن ثمَّ علموا مِن السُّنَّة، وحدَّثنا عن رفعها، قال: ينام الرَّجل النَّومة فتقبض الأمَانَة مِن قلبه فيظلُّ أثرها مثل أثر الوَكْت، ثمَّ ينام النَّومة فتُقْبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجْل، كجمر دحرجته على رجلك فنَفِط فتراه منتبرًا وليس فيه شيء، ويصبح النَّاس يتبايعون، فلا يكاد أحد يؤدِّي الأمَانَة، فيقال: إنَّ في بني فلان رجلًا أمينًا، ويقال للرَّجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبَّة خردل مِن إيمان).

يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: {الحديث يصوِّر انتزاع الأمَانَة مِن القلوب الخائنة تصويرًا محرجًا، فهي كذكريات الخير في النُّفوس الشِّرِّيرة، تمرُّ بها وليست منها، وقد تترك مِن مرِّها أثرًا لاذعًا، بيد أنَّها لا تحيي ضميرًا مات، وأصبح صاحبه يزن النَّاس على أساس أثرته وشهوته، غير مكترث بكفر أو إيمان!! إنَّ الأمَانَة فضيلة ضخمة، لا يستطيع حملها الرَّجال المهازيل، وقد ضرب الله المثل لضخامتها، فأبان أنَّها تثقل كاهل الوجود، فلا ينبغي للإنسان أن يستهين بها أو يفرِّط في حقِّها، قال الله تعالى: ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)) والظُّلم والجهل آفتان عرضتا للفطرة الأولى، وعُني الإنسان بجهادهما فلن يخلص له إيمان إلَّا إذا أنقاه مِن الظُّلم: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ)) ولن تخلص له تقوى إلَّا إذا نَقَّاها مِن الجهالة: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)) ولذلك بعد أن تقرأ الآية التي حملت الإنسان الأمَانَة تجد أنَّ الذين غلبهم الظُّلم والجهل خانوا ونافقوا وأشركوا، فحقَّ عليهم العقاب، ولم تـكـتب السَّــــلامة إلَّا لأهل الإيمــــــان والأمَــــانَة: ((لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا))}.

ومما سبق تتضح حقيقة الداء وحقيقة الدواء؛ فقضية الثورة المحقة -في التحرر من الاحتلال والعيش بكرامة في ظل شريعة الرحمن- وتضحياتها الجسام؛ شهداء.. أيتام.. مهجرون.. نازحون.. منكوبون..، أمانة عظيمة لا يحملها رجال مهازيل، بل يحملها قلوب مؤمنة ورجال صادقون أقوياء أمناء، وهذا ما ينبغي أن يكون هدف أي تغيير ثوري حقيقي قادم.

والحمد لله رب العالمين. 

Exit mobile version