معركة الثبات[1]
“ارجع عن دينك” هذا هو ما طلبه الملك المتجبر من الراهب وجليسه والغلام، فلما أبى كل واحد منهم عاجله بالقتل.
– فلماذا يطلب منهم الرجوع عن دينهم ولا يقتلهم فورا؟
– ما الفائدة التي تعود عليه لو عادوا إلى دينه؟ وما الضرر الذي يلحقه إن ماتوا على غير دينه؟
– ولماذا بعد آلاف السنين يطلب الطاغية جمال عبد الناصر كتابة استرحام من الأستاذ سيد قطب ليترك قتله؟
– ولماذا أبى هؤلاء الإجابة لما يدفع عنهم القتل واستسلموا للقتل في سبيل الله تعالى؟
إن المعركة الكبرى مع الشيطان وحزبه وأوليائه هي معركة ثبات أو ركون، ثبات على الحق أو ركون للباطل، قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾.
وقد كان مشركو مكة يُعملون التعذيب الشديد في المسلمين ليردوهم عن دينهم؛ لأنهم يعلمون أن موتهم على الإسلام نصر للمسلمين واستهزاء بقوة الكافرين.
ومن هذا المنطلق عمل أعداء الإسلام في العصر الحاضر على استخدام كل الوسائل لصد طلائع المسلمين عن دينهم وعن الحق الذي أذاعوا به؛ فأغروهم بالمال والمناصب، وضيقوا عليهم في الحل والترحال، وسلطوا عليهم علماء السوء وجامعي الشبهات، وضغطوا عليهم بالقهر والسجون، وصبروا سنين طويلة بل وعشرات السنين على مكر الليل والنهار واستخدام وسائل الترغيب والترهيب والافتراء والتشكيك علهم يصدوا عالما عن دينه أو مجاهدا عن الحق الذي يدعو له؛ فإذا ظفروا بشيء من ذلك أذاعوا به ونشروه وجعلوا ذلك اليوم عيدا يرتشفون فيه كأس النصر..
ثم إنهم بعد ذلك يعملون على تصدير ذاك المنحرف وتقديمه ليكون معول هدم يكمل طريقهم ويفتح لهم الثغور التي صعبت عليهم ويكسر شوكة الثابتين رغم الصعاب..
لذا لا غرابة أن ينظر المرء اليوم في مشرق الأرض ومغربها لير أن حامل لواء الباطل اليوم هم قوم كانوا بالأمس طلبة علم أو مجاهدين زلت أقدامهم فسارت بهم إلى صفوف العدو، وما قاديروف في الشيشان ورباني في أفغانستان وشيخ شريف في الصومال وهاني بن بريك في اليمن وسعيد رسلان في مصر وغيرهم عنا ببعيد.
فالثبات الثبات أخا الجهاد، واحذر ترغيب المفتونين وتخويف الغاوين وشبهات المنقلبين، وانج سعد فقد هلك سعيد.
* واعلم أن من أعظم المثبتات:
– مدارسة كتاب الله تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾..
– وصدق الإيمان بوعد الله جل وعلا ووعيده: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ﴾..
– ونصرة دين الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
– والدعاء الصادق: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾..
* أخا الجهاد: عليك بطريق الحق ولا تستوحشن من قلة السالكين، وإياك وطريق الباطل ولا تغترن بكثرة الهالكين..
اللهم احفظ عبادك المجاهدين في سبيلك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
كتبها
أبو شعيب طلحة محمد المسير
لتحميل نسخة كاملة من كتاب مائة مقالة في الحركة والجهاد bdf اضغط هنا
للقرأة من الموقع تابع ⇓