ما يسطرون
الدكتور أبو عبد الله الشامي
معركة التغيير والأخطاء القاتلة
1- عدم وضوح الغاية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
في ظل الواقع غير المسبوق الذي يعيشه العالم الإسلامي والذي يعد ترجمة واقعية لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ قال : بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن قال : حب الدنيا وكراهية الموت )) فقد أضحت معركة التغيير قدرا محتوما على الأمة عامة ونخبها خاصة .. والمتأمل لواقع جماعات الإسلام الحركي التي شكلت أطرا للنخب التي تصدرت لخوض معركة التغيير يجد كثيرا من الأخطاء القاتلة التي استطاع من خلالها الأعداء احتواء هذه الجماعات أو شيطنتها وعزلها عن أمتها .. الأمر الذي ساهم في تضييع كثير من التضحيات والجهود الصادقة الرامية إلى إعادة الأمة إلى موقعها الطبيعي في السيادة والقيادة والعز والسؤدد … وفيما يأتي إن شاء الله سلسلة تتناول هذه الأخطاء بشكل مبسط مع السعي لتقديم الحلول السنية المناسبة لها … والله أسأل العون والتيسير والسداد والرشاد.. فأقول وبالله التوفيق :
1- عدم وضوح الغاية
يقول تعالى في محكم تنزيله : (( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )) 39 الأنفال
قال الضحاك عن ابن عباس : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) يعني لا يكون شرك وهو قول مجاهد والحسن وقتادة والسدي ومقاتل وزيد بن أسلم .
وقال عروة بن الزبير: { حتى لا تكون فتنة} حتى لا يفتن مسلم عن دينه،
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل : يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ويقاتل رياء . أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ))
وروي عن ربعي ابن عامر رضي الله عنه أنه قال لرستم : الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله.
قالوا: وما موعود الله؟
قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.
مامن جماعة منسوبة إلى جماعات الإسلام الحركي إلا قامت في أصل نشأتها على هدف وغاية تحكيم شرع الله في أرضه .. معتبرة نفسها قائمة بنوع من أنواع الدفع في مواجهة غزو شامل على مختلف الأصعدة … ثم طرأ ماطرأ على هذا الهدف من تغييب أو تشويه أو انحراف … هذا وقد دلت النصوص السابقة على حقيقة غاية جهاد المسلم التي لايصح جهاده إلا بها …فكل جهاد لايكون لله وبالله هو جهاد باطل لايصلح ولاينفع ولايدوم …وهذا إن كان في حق المسلم الفرد ثابت فهو في حق جماعات الإسلام الحركي أولى وأثبت …فإن عدم وضوح هذا المعنى في نفوس القادة والاتباع بصورة قريبة من الصورة التي عبر عنها ربعي بن عامر يحرف مسار الجماعة عن الطريق السني في التغيير المنشود .
هذا وإن من الخلط الكبير والجناية العظيمة تصور أن هذه الغاية تتحقق بدعاوى مزعومة ورايات مرفوعة وشعارات كاذبة …بل لابد فيها من سلوك ومسير سني – لاإفراط فيه ولاتفريط – يترجم هذه الغاية واقعا في حياة القادة والأتباع فيعيشون بها ولها قاصدين إحدى الحسنيين .
وفي هذا السياق لابد من التأكيد أن الغاية الشرعية لابد لها من وسيلة مشروعة صحيحة وإن المتأمل لواقع الجماعات في هذه القضية يجد الآتي :
1- الغاية شرعية والوسيلة غير مشروعة كدخول البرلمانات
2- الغاية شرعية والوسيلة مشروعة في أصلها ولكنها خاطئة أو قاصرة وغير مجدية كطلب النصرة ومبدأ التصفية والتربية وغيرهما
3-الغاية شرعية والوسيلة مشروعة وصحيحة ولكن في تطبيقها إفراط أو تفريط كالجهاد وتطبيقاته الغالية والجافية
4- الغاية شرعية والوسيلة مشروعة وصحيحة وتطبيقها سني (الجهاد السني )
5–الوسيلة غير مشروعة وتصبح غاية كالعلمانية ولعبة الديمقراطية
6-الوسيلة مشروعة وتصبح غاية