جمع وترتيب الشيخ: رامز أبو المجد الشامي
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
كان المسلم في رمضان معانًا على الطاعة، حيث كانت الشياطين مصفدة، وكان الشر وأهله فيه مقهورين، وأهل الخير يجدون على العمل الصالح أعوانًا، والكل يتسابق لفعل الخير، وأما الآن وبعد أن انقضى زمن الخير، وخرج شهر رمضان، فقد عادت الأمور كما كانت، وأطلقت الشياطين، وبدأت الحرب في إضلال الناس، فكن على حذر، وجاهد عدوك.
قد حذرنا الله من السير خلف الشيطان واتباع خطواته فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور:21]، وإذا أعرض الإنسان عن الله تولاه الشيطان وجره إلى الفساد والطغيان قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:83]، وكل من أعرض عن الله وسار خلف الشيطان فإنما يهلك نفسه، وخسر ديناه وآخرته قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [النساء:119].
وقد سلك الشيطان طرقاً عجيبةً في الإغواء، فأفسد كثيراً من الناس، وزين لهم سوء أعمالهم؛ فأوردهم جهنم وبئس المصير قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} [النساء:121-120].
وعداوة الشيطان لآدم وذريته قديمة، فقد أسكن الله آدم وزوجته في الجنة فجاء الشيطان إلى آدم وزين له المعصية، فأطاعه آدم يظنه صادقاً، فعصى آدم ربه وأخرج من الجنة، ثم تاب الله عليه، وقد حذرنا الله من طاعة الشيطان فقال: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف:27].
ولما كانت عداوة الشيطان للإنسان ظاهرة بينة أمرنا الله بالحذر منه، وإعلان الحرب عليه ونصب العداوة له، فقال: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6]، وقد أرشدنا الله إلى أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كلما هممنا بمعصية، فقال: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:200].
والشيطان يحاول أن يوقع العبد في الكفر والشرك، فإذا نجا العبد منه في ذلك حرص على إيقاعه في الكبائر والبدع، فإن نجا منه، وسوس له ليبقى في دوامة الصغائر، فإن نجا منه وحرص على الطاعات، يحرص على إدخاله في الرياء وزعزعة نيته، فاحذروه.
وفي يوم القيامة يوم الصدق والعدل يعترف الشيطان بجريمته، فيعلن أمام الخلائق أن الله صادق وأنه كاذب، وأنه لا لوم عليه وإنما الملامة على من اتبعه فيندم كل من اتبعه، ولكن حينذاك لا ينفع الندم قال تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم:22].
كونوا على حذرٍ ممن أقسم بعزة الله أن يغوينا أجمعين، واستعينوا بالله عليه؛ فإن كيد الشيطان ضعيف على عباد الله المتقين.
اللهم أعذنا من نزغات الشياطين، ونعوذ بك ربنا أن يحضرون.
أخي الحبيب لنلزم الخير الذي عملناه في رمضان ولنحافظ عليه ولنجاهد أنفسنا في ذلك؛ فالشيطان حريصٌ على سلخ العبد من كل خيرٍ استفاده في رمضان، فليجاهد العبد نفسه وشيطانه حتى لو قلت الأعمال ولكن لا تضمحل، فمن كان يصلي مع الإمام كل ليلة صلاة التهجد فلا يترك ذلك بالكلية حتى الوتر يتركه، بل حافظ على الوتر ولو بركعة بعد العشاء، ومن كان يختم في رمضان ويقرأ كل يوم الصفحات الكثير لا تترك قراءة القرآن ولو صفحات يسيرة كل يوم، وكذلك الصدقة والذكر والصيام حافظ على شيء منها، ولا تكن كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا ففي هذا الشهر حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على صيام ستة أيام من شوال؛ وكأنه تدريبٌ على الاستمرار في الصيام والعمل الصالح.
فبادروا -عباد الله- على المحافظة على أخلاق رمضان وعباداته فلا زالت النفس مستعدةً للخير ولا تتركوها فتمل وتستثقل الخير.
*طرق الوقاية من الشيطان كثيرة منها:
1 _ دوام الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
2_ المواظبة على قراءة آية الكرسي.
3_ المحافظة على الوضوء.
4_ قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 100 مرة كل صباح.
5 _ قراءة سورة البقرة كل ثلاثة أيام.
6 _ كثرة ذكر الله، قال تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة:19].
7_ السعي في طلب العلم النافع.
8_ الابتعاد عن المواطن التي تنشط فيها خطوات الشيطان.
واعلم أنّ الشيطان لن ينفك عنك أو يتركك حتى تخرج روحك إلى باريها فداوم الاستعاذة منه، واتخذه عدوا.
اللهم احفظنا من شرّ شياطين الإنس والجن أجمعين، وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد الله رب العالمين.
هنا بقية مقالات مجلة بلاغ العدد ٧١ – شوال ١٤٤٦ هـ
لتحميل نسختك من مجلة بلاغ اضغط هنا أو قم بزيارة قناتنا على تطبيق التليجرام بالضغط هنا