عيد الأضحى والتضحية كلمة التحرير  ( مجلة بلاغ )

عيد الأضحى والتضحية

كلمة التحرير  ( مجلة بلاغ )

(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)..

لقد كان الاختبار العظيم والبلاء المبين الذي جرى على نبي الله إبراهيم عليه السلام بأمره بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، واحدا من سلسلة اختبارات التضحية والفداء التي عاش فيها نبي الله إبراهيم؛ كمحاججته قومه، وتكسير الأصنام، والصبر على الإلقاء في النار، والوقوف أمام النمرود، والهجرة في الأرض، ومواجهة طاغية مصر، وترك هاجر وابنه الرضيع إسماعيل في أرض لا نبت فيها ولا ماء، وأمره بذبح ابنه، وتكليفه بالختان وقد بلغ الثمانين.. وغير ذلك من الأوامر والابتلاءات التي تلقاها بالرضا عن الله جل وعلا، فعلَّم الأمة والأجيال من بعده حقيقة الدنيا ودور المسلم فيها، وأننا عبيد لله جل وعلا يجب أن نخلص له تلك العبادة وأن نتجرد من نوازع الهوى والشهوة التي تعارض أمر الله سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ)، قال السعدي: “يخبر تعالى عن عبده وخليله إبراهيم عليه السلام، المتفق على إمامته وجلالته، الذي كل من طوائف أهل الكتاب تدعيه، بل وكذلك المشركون: أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات، أي: بأوامر ونواهي، كما هي عادة الله في ابتلائه لعباده، ليتبين الكاذب الذي لا يثبت عند الابتلاء والامتحان من الصادق الذي ترتفع درجته ويزيد قدره ويزكو عمله ويخلص ذهبه، وكان من أجلِّهم في هذا المقام الخليل عليه السلام. فأتم ما ابتلاه الله به، وأكمله ووفاه، فشكر الله له ذلك ولم يزل الله شكورا”.

* وإننا اليوم إذ نستقبل عيد الأضحى ويوم النحر الذي منَّ الله به علينا متذكرين التضحية الأصلية والاستجابة الكبرى عندما أقدم إبراهيم عليه السلام -بعد سلسلة ابتلاءات طويلة- ليذبح ابنه إسماعيل، وعندما أذعن إسماعيل للأمر منتظرا لقاء الله جل وعلا، نستقبل كذلك عاشر عيد أضحى في الثورة السورية والجهاد الشامي المبارك لنعلم أن العبرة بالثبات على الطريق والمداومة على الاستقامة ولزوم العبودية طول الحياة؛ فلا نزال مضحين بأعداء الملة والدين، ومضحين بأوقاتنا وأهوائنا وشهواتنا ودنيانا في سبيل رضا الرحمن تبارك وتعالى كما هي ملة إبراهيم عليه السلام التي هدى الله الأمة لها: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

لا تَلُمْني حين ناصرتُ الجهادَا

أنا ما ناصرتُه إلاَّ جهادا

أنا أبصرتُ رجالاً علَّمونا

لغةً تأبى خضوعاً وانقياداً

وجدتهم روسيا سداً منيعاً

منعوا طوفانها أنْ يتمادى

قد رفعتُ الرأسَ بالإسلام ديناً

لا بقوميَّات مَنْ ضلَّ وحادا

سوف يبقى للجهاد الحقِّ دربٌ

ورجالاتٌ يعدُّون العتادا

فاللهم ثباتا في سبيلك حتى نلقاك.

Exit mobile version