شيْخُ الكَار🖌
في بعض الشام سوقٌ للعطارين، فيهم عطارٌ أحرز منصب شيخِ الكار، بالأعشاب وبالخلطات وبالترويج وبالتزيين، وبمزج المهنة بالدِّين.
هذا العطار، باع بضاعته للناس المحتاجين، بالكِلمة واللَّكمَةِ وبأغلى الأسعار، فرضَ الأمرَ الواقعَ في السُّوق، سيطر بالمالِ وعُزوتِه، أرغم كل الجيران، حتى وصل إلى استقرار.
لكن في يومٍ يخشاه، قام ابن العطَّار وأخوهُ وابن العمِّ بما يأباه، فتحوا دكاناً بجوارِه، وعدوا الناسَ بصدقِ البيعِ، وبأسعارٍ أفضلَ من أسعاره.
سارع شيخ الكار إلى التجار، منع التمويلَ وعاقبَ من أعطى “الأشرار!”، سجن الولد، ضرب الأخ، وعير ابن العمِّ بأصله، وقد افتخر بهذا الأصل، ثم انقلب الفخر لعار، عيره بفساد كان هو استخدمه ودافع عنه ضد الناس وضد التجار.
صَمَتَ الجيران، فمن التاعَ من الخصمين، قال بأن الدنيا دين، يجدر ألا يدخل أحد في مشكلةٍ بين الأب والابن والأخ وابن العمْ… حتى إن ضاع المال وسال الدمْ.
خشي العطار من أن يترك كل الأبناء الدُّكان، كي يلتحقوا بالإخوة والخلان، وخشي أن يتركه كل زبائنه لفرق الأسعار، وأن يفقد سطوته في السوق وبين التجار، وأن يفقد مشيخة الكار.
بعد السيطرة الآنية أصدر فرماناً برضا من في السوق ورضا الوالي، يمنع فتح محل أو دكان إلا بموافقة مسبقة ورقابة، فإذا كان فسيغلقه ويعاقب أصحابه، فالسوق صغيرٌ لا يكفي إلا العطار، والقانون سيحفظه مع من فيه حتى حينٍ تحت السَّيطرة والاستقرار!.
والكل يراقب ما يجري، والعالم يسعى كي يهدم هذا السُّوق، فالسُّلطة والسَّطوة بالقوَّة كرتٌ محروق، فأمام القوَّة قواتٌ أو غضب النَّاس، فالشَّعب إذا قام، نفض القهر ونفض الذِّلة والأوهام.
أما العطّار فيفضِّل أن يبقى شيخاً فوق النَّاس، حتى لو أدى ذلك لضياع السوق وللإفلاس.
أبو يحيى الشامي
8 ذو القعدة 1441م
29 حزيران 2020