الشيخ: محمد سمير
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
عانى الإسلام خلال تاريخه الطويل من طعنات الباطنية الذين كانوا يسترون كفرهم وزندقتهم بقشرة رقيقة من مسميات الإسلام وشعائره، ويضمرون في قلوبهم كفرا (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا)، وقد كاد الباطنيون للإسلام وسفكوا دماء المسلمين وعاثوا في الأرض فسادا، حتى قال عبد القاهر البغدادي: “اعلموا أسعدكم الله أن ضَرَر الباطنية على فرق الْمُسلمين أعظم من ضَرَر الْيَهُود وَالنَّصَارَى والمجوس عَلَيْهِم، بل أعظم من مضرَّة الدهرية وَسَائِر أَصْنَاف الْكَفَرَة عَلَيْهِم، بل أعظم من ضَرَر الدَّجَّال الذي يظْهر فِي آخر الزَّمَان؛ لِأَن الَّذين ضلوا عَن الدّين بدعوة الباطنية من وَقت ظُهُورهم إلى يَوْمنَا أكثر من الَّذين يضلون بالدجال في وَقت ظُهُوره؛ لَان فتْنَة الدَّجَّال لَا تزيد مدَّتهَا على أربعين يَوْمًا وفضائح الباطنية أكثر من عدد الرمل والقطر” [الفرق بين الفرق ص 169].
والباطنية فرق كثيرة يجمعها: الكفر بالله، والعداء لدينه، والعبث بالنصوص الشرعية وفق الأهواء والشهوات، والحقد على المسلمين، والغدر بهم، وموالاة أعدائهم.
وكلامنا في هذا المقال على فرقة الدروز التي تفرعت عن الدعوة الإسماعيلية التي بلغت أوجها في عهد الدولة العبيدية التي تسمَّت زورا بالفاطمية، وقد تمكن العبيديون من الاستيلاء على مصر في عهد خليفتهم المعز الذي خلفه على الحكم بعد هلاكه ابنه العزيز بالله، ثم خلف العزيز بالله ابنه الحاكم بأمر بالله الذي كان غريب الأطوار مصابا بجنون العظمة، جبارا، سفاكا للدماء، يفعل الشيء ونقيضه، ويمخرق على الناس ويدعي علم الغيب، إلى أشياء في ذلك كثيرة [راجع كتاب: الحاكم بأمر الله، القسم الأول، لمحمد عبد الله عنان، فقد جمع فيه مادة علمية غزيرة من شتى المصادر، كما ساق عددا من الوثائق المهمة].
لما تسلم الحاكم الحكم في الدولة العبيدية كان المذهب السائد هو الباطني الإسماعيلي، فاستمر على ذلك من سنة توليه 386 إلى 408 حيث استغل بعض حاشيته جنون العظمة لديه فأعلنوه إلها، أو لعله أوعز إلى بعض المنافقين في حاشيته أن يتخذوه إلها ويدعو الناس إلى ذلك، فسارعوا إلى امتثال ذلك، وكان متولي كبر ذلك الداعية حمزة بن علي، وساعده في ذلك رجل آخر يدعى نوشتكين وهو الملقب بالدرزي، إلا أنهما سرعان ما اختلفا فطرد حمزة نوشتكين ولعنه وكتب فيه بعض الرسائل يذمه فيها ويصفه بأنه إبليس والضد [راجع رسائل الحكمة، رسالة الغاية والنصيحة 1 / 92 وما بعدها]، ولذلك كان الدروز ينهون أن ينتسبوا إليه ويفضلون أن يسموا بـ “الموحدين”، إلا أن لقب الدروز أصبح لاصقا بهم لا يستطيعون فكاكا عنه ولا تخلصا منه فرضوا بالأمر الواقع.
وعلى كل حال يعتبر حمزة بن علي هو المؤسس للدين الدرزي، وكان يعتبر نفسه رسول الحاكم إلى الناس، ويلقب نفسه “بهادي المستجيبين”، وقد وضع للدروز عددا من الرسائل شديدة السرية يقعد فيها قواعد نحلته الباطنية، كما وضع داعيان آخران وهما إسماعيل التميمي وبهاء الدين السموقي عددا آخر من الرسائل، وقد ظلت هذه الرسائل تتناقل سرا محصورة في أيدي هذه الطائفة حتى غزا إبراهيم باشا ابن محمد علي الشام فوقعت هذه الرسائل أو بعضها في أيدي غير الدروز وبدأت تنتشر تباعا، وقد نُشرت جمعيا مؤخرا في ثلاثة مجلدات أصدرتها دار المعرفة لأجل لبنان عام 1986، وقد ذكر محققها في مقدمته أماكن وجود المخطوطات الدرزية في العالم باستثناء مكتبات لبنان خشية إتلافها، كما أسهب الدكتور عبد الرحمن بدوي في حديثه عن الدروز ضمن كتابه “مذاهب الإسلاميين” في ذكر أماكن وجود المخطوطات الدرزية في مكتبات العالم وذكر شيئا يسيرا عن محتوى كل رسالة من رسائل الحكمة التي بلغت مائة وإحدى عشرة رسالة [مذاهب الإسلاميين 2 / 513 إلى 2 / 555].
* وسنعرض أهم عقائد الدروز من خلال بعض هذه الرسائل، كما يلي:
1 – التبرؤ من جميع الأديان والشرائع، واعتقاد الحاكم إلها:
ففي ميثاق ولي الزمان: “توكلت على مولانا الحاكم الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد، أقر فلان بن فلان إقرارا أوجبه على نفسه وأشهد به على روحه في صحة من عقله وبدنه وجواز أمره طائعا غير مكره ولا مجبر أنه قد تبرأ من جميع المذاهب والمقالات والأديان والاعتقادات كلها على أصناف اختلافاتها، وأنه لا يعرف شيئا غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره، والطاعة هي العبادة، وأنه لا يشرك في عبادته أحدا مضى أو حضر أو يُنتظر، وأنه قد سلم روحه وجسمه وماله وولده وجميع ما يملكه لمولانا الحاكم جل ذكره، ورضي بجميع أحكامه له وعليه غير معترض ولا منكر لشيء من أفعاله ساءه ذلك أم سره.. ومن أقر أن ليس له في السماء إله معبود ولا في الأرض إمام موجود إلا مولانا الحاكم جل ذكره كان من الموحدين الفائزين” [رسالة الحكمة، ميثاق ولي الزمان 1 / 58 و 59، وهذا الميثاق وضعه حمزة بن علي كما جاء مصرحا به في نهايته].
واشتراط عدم إنكار شيء من أفعال الحاكم في هذا الميثاق يدلك على شدة اضطراب الحاكم في تصرفاته وكثرة الشذوذ في أفعاله، ومن أفحش ذلك ما ذكره الأنطاكي في تاريخه، فقال: “وعنَّ له رأي من السخف ينافي ما تظاهر به من الزهد، وهو أن يقصد أحد أسواق مصر في الليل ويتقدم إليه شيخ خليع يعرف بالرجاع من السفساف، فيقول له الحاكم: أرني قمرك، فيكشف عن فقحته ويرسم الحاكم لبعض ركابيته من السودان أن يبرز إحليله ويأتيه بمشهد منه ومن الجمع الحاضر، ويتغوث إليه ذاك المجرى من الألم الذي يزعم أنه يناله ويقسم عليه أن يأمر الأسود العالي عليه بالرفق وترك العسف له، فيضحك الحاكم من ضجيجه ويطرب له، ولبث على هذا الحال مديدة ثم هجره” [تاريخ الأنطاكي ص309].
وغرابة هذا الخبر وقبحه وتفرد الأنطاكي به [ذكر عمر عبد السلام تدمري تفرد الأنطاكي بهذا الخبر في تحقيقه للكتاب] قد يجعل المرء في شك من ثبوته، لكن سرعان ما يزول هذا الشك عندما يجد حمزة بن علي يثبت هذا الخبر ويجعله دالا على حسن سياسة الحاكم وبراعته في التدبير، فهذه الأفعال ليست سوى رموز وإشارات، يقول حمزة: “وأما ما ذكره الركابية من ذكر الفروج والأحاليل فهما دليلان على الناطق والأساس، وقوله: أرني قمرك، يعني اكشف عن أساسك وهو موضع يخرج منه القذر دليل على الشرك، فإذا كشف عن أساسه وأخرج قلبه أي عبادة أساسه نجا من العذاب والزيغ في اعتقاده ومن شك هلك كما أن الإنسان إذا لم يبل ولا يتغوط أخذه القولنج فيهلك [رسائل الحكمة، كتاب فيه حقائق الهزل ص130].
وقد ردد ما ذكره حمزة هنا مؤلف كتاب تعليم الدين الدرزي، فقد جاء فيه: “س: وما ذكر الأحاليل والفروج؟ وما أراد به من الحكمة؟ جـ: أراد به حاله لا محله؛ لأن الإحليل يقوى ويعمل الحركة على فرج المرأة وكذلك مولانا الحاكم جل سلطانه بقوته يغلب المشركين كما رأينا في رسالة يقال لها حقائق الهزل” [تعليم الدين الدرزي ص36].
وعود إلى أصل دين الدروز وهو تأليه الحاكم وتوحيده واعتقاد أنه لم يلد ولم يولد، وهذا ما عليه الدروز اليوم كما كان على ذلك أسلافهم، فقد ذكر عبد الله النجار [سياسي ودبلوماسي وصحفي وكاتب لبناني عمل مديرا للمعارف في دولة جبل الدروز عام 1923، واغتيل عام 1976] في كتابه مذهب الدروز والتوحيد: “وإني لأذكر عتاب كبير الأشياخ الثقات لأني ذكرت في أحد الكتب المطبوعة أن أم الحاكم كانت صقلبية؛ إذ قال لي: إن الحاكم لا أم له، مرددا ما جاء في الرسالة (26): حاشا مولانا جل ذكره من الأب والابن والعم والخال، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد” [مذهب الدروز والتوحيد، ص105 و 106].
وإذا كان هذا هو التوحيد عند الدروز فما الشرك إذا؟ يتولى الإجابة عن ذلك حمزة في رسالته فيقول: “فصح عند الموحد العارف بأن الشرك الذي لا يغفر أبدا بأن يشرك بين علي بن أبي طالب وبين مولانا جل ذكره” [رسائل الحكمة، الرسالة الدامغة 1 / 172].
2 – التأويل الباطني الفج لجميع شرائع الإسلام:
فهم يؤولون أركان الإسلام الخمسة ويجعلون لها معان باطنة لا زمام لها ولا خطام؛ فالشهادتان ليستا سوى رموز على بعض دعاة الدروز أو بعض مصطلحاتهم، يقول حمزة بن علي: “فأول البناء وقبة النهاء شهادة لا إله إلا الله، محمد رسول الله، التي حقن بها الدماء وصين بها الفروج والأموال، وهي كلمتان دليل على السابق والتالي، وهي أربعة فصول دليل على الأصلين والأساسين.. وثانيه بالمعرفة محمد رسول الله: ثلاث كلمات دليل على ثلاثة حدود الناطق والتالي فوقه والسابق فوق الكل.. إلخ” [رسائل الحكمة، رسالة النقض الخفي 1 / 50].
وأما الصلوات الخمس التي ذكر الله أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر فهي “صلة قلوبكم بتوحيد مولانا جل ذكره لا شريك له على يد خمسة حدود السابق والتالي والجد والفتح والخيال [ألقاب دعاة ألوهية الحاكم] وهم موجودون في وقتنا هذا، وهذه هي الصلاة الحقيقية دون الصلاتين الظاهر والباطن، ومن مات ولم يعرف إمام زمانه وهو حي مات موتة جاهلية وهو معرفة توحيد مولانا جل ذكره.. والفحشاء والمنكر هما الشريعتان الظاهر والباطن” [المصدر السابق 1 / 56].
وأما الزكاة فهي “في الحقيقة مولانا جل ذكره وتزكية قلوبكم وتطهيرها من الحالتين معا وترك ما كنتم عليه قديما، وذلك قوله: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، والبر فهو مولانا جل ذكره ونفقة ما تحبون الظاهر والباطن” [المصدر السابق 1 / 57].
وأما الصوم فهو: “صيانة قلوبكم بتوحيد مولانا جل ذكره” [المصدر السابق 1 / 59].
وأما حج بيت الله الحرام فالبيت عندهم “هو توحيد مولانا جل ذكره موضع السكنى والمأوى الذي يطلب المعبود فيه، كذلك الموحدون أولياء مولانا جل ذكره سكنت أرواحهم فيه، ورب البيت هو مولانا جل ذكره في كل عصر وزمان كما قال: فليعبدوا رب هذا البيت، يعني مولانا جل ذكره الذي أطعمهم من جوع يعني الظاهر وآمنهم من خوف يعني خوف الشكوك من الوقوف عند الأساس” [المصدر السابق 1 / 60 و 61].
ولم يكتف الدروز بإبطال أركان الإسلام الخمسة بل أبطلوا الجهاد أيضا “فالجهاد الحقيقي هو الطلبة والجد في توحيد مولانا جل ذكره ومعرفته ولا يُشرك به أحد من سائر الحدود، والتبري من العدم المفقود” [المصدر السابق 1 / 61].
وبما أن أصل الباطنية هم الشيعة، والولاية ركن من أركان الإسلام عند الشيعة؛ فقد أبطلها الدروز أيضا: “والإمام هو عبد مولانا جلت قدرته بقوله: كل شيء أحصيناه في إمام مبين، والذي أحصى الأشياء في الإمام هو مولانا جل ذكره” [المصدر السابق 1 / 62].
3 – وإذا أسقط الدروز هذه الشرائع السبع فما البديل عنها؟
يجيب حمزة فيقول: “واعلموا أن مولانا جل ذكره قد أسقط عنكم سبع دعائم تكليفية ناموسية، وفرض عليكم سبع خصال توحيدية دينية؛ أولها وأعظمها سدق اللسان [يكتبها الدروز بالسين وليس بالصاد ليستقيم لهم حساب الجُمَّل]، وثانيها حفظ الإخوان، وثالثها ترك ما كنتم عليه وتعتقدوه [كذا بالمطبوع] من عبادة العدم والبهتان، ورابعها البراءة من الأبالسة والطغيان، وخامسها التوحيد لمولانا جل ذكره في كل عصر وزمان ودهر وأوان، وسادسها الرضى بفعله كيف ما كان، وسابعها التسليم لأمره في السر والحدثان” [رسالة الحكمة، رسالة بدء التوحيد 1 / 66].
4 – ويعتقد الدروز بأن الحاكم قد نسخ شريعة النبي عليه الصلاة والسلام:
كما ذكر ذلك حمزة، فقال: “ومولانا الحاكم البار العلام قد نسخ شريعة محمد بالكمال ظاهرا للمؤمنين ذوي الأفضال وباطنا للموحدين أولي الألباب” [المصدر السابق نفسه].
ويقول في مكان آخر: “فلم تزل شريعة محمد بن عبد الله تتناسخ في أيدي أئمته إلى أن انقضى دوره وظهر ناطق غيره وهو محمد بن إسماعيل الذي ختم الشرائع وتمها” [رسائل الحكمة، رسالة السيرة المستقيمة 1 / 123].
5 – التنقص من الأنبياء ووصفهم بأشنع الأوصاف وأقبحها واتهامهم بالنقائص صلوات الله وسلامه عليهم، ولعائنه على من أساء إليهم:
يقول حمزة: “فلم يزل البار سبحانه يرحم أهل ذلك الزمان حتى تغيرت نياتهم ومالوا إلى المشركين، فغضب البار جل ذكره ونزع نعمته عنهم وأظهر لهم نوح بن لمك بشريعة غير ما كانوا عليه ودعاهم إلى عبادة العدم وتوحيد الصنم..، فلم تزل شريعة نوح قائمة هكذا إلى أن ظهر إبراهيم بن آزر واسم آزر أخنوخ فغير شريعة نوح بشريعته، وأقام إسماعيل أساسا لدعوته واثني عشر حجة وثلاثين داعيا يدعون الناس إلى عبادة العدم وتوحيد الصنم وإلى طاعة إبراهيم..، فلم تزل دعوته قائمة بأئمته إلى أن ظهر موسى بن عمران فغير شريعة إبراهيم بشريعته ونصب هارون أساسه واثني عشر حجة يدعون الناس إلى عبادة من لا يُشاهد وتوحيد من لا يعرف وإلى طاعة موسى، فلم تزل دعوته قائمة بعده إلى أن ظهر عيسى بن يوسف [هذا عند الدروز هو عيسى المزيف، أما الحقيقي فهو حمزة وهو الذي كان يعلم عيسى الإنجيل بزعمهم]، فغير شريعة موسى بشريعته وأظهر دعوته ونصب شمعون الصفا أساسه واثني عشر حجة بين يديه وهم الحواريون يدعون الناس إلى عبادة العدم وتوحيده وإلى طاعة عيسى..، فلم تزل شريعته قائمة في جميع البلدان إلى أن ظهر محمد بن عبد الله بسيفه وقام على العالمين بعنفه ونسخ جميع الشرائع كافة بشريعته وهدم بنيانهم ببيته وبدل دعوتهم بدعوته” [رسائل الحكمة، رسالة السيرة المستقيمة 1 / 120 و 121].
وللدروز كلام في غاية القبح والسوء والشناعة عن الأنبياء نضرب عن ذكره ونعرض عن نقله؛ توقيرا لمقام الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه.
6 – يعظم الدروز تعظيما شديدا داعيهم حمزة بن علي ويعتبرونه قد تنقل في أطوار عدة حتى ظهر مع الحاكم:
وقد نسب حمزة إلى نفسه أفعالا لا تكون إلا لله، وعظم نفسه تعظيما شديدا فقال: “أنا صراطه المستقيم وبأمره حكيم عليم، أنا صاحب البعث والنشور، أنا النافخ بإذن المولى سبحانه في الصور، أنا إمام المتقين والعلم المبين ولسان المؤمنين وسيد الموحدين، أنا صاحب الراجفة وعلى يدي تكون النعم المترادفة، أنا ناسخ الشرائع ومهلك أهل الشرك والبدائع، أنا مهدم القبلتين ومبيد الشريعتين ومدحض الشهادتين، أنا مسيح الأمم، ومني إفاضة النعم، وعلى يدي يحل بأهل الشرك النقم، أنا النار الموقدة التي تطلع على الأفئدة.. إلخ” [رسائل في الحكمة، رسالة التحذير والتنبيه ص243].
وقال في رسالة أخرى: “واعلموا أني أنا الإمام المطلوب والمراد، وعلى يدي يكون جزاء العباد..، فعلى يدي يكون الجزاء والقصاص، ولي يسأل المغفرة والخلاص” [رسائل الحكمة، رسالة الإعذار والإنذار ص248].
7 – إنكار الجنة ونعيمها وكذلك إنكار النار وعذابها:
يقول حمزة: “فلما كانت الجنة من حيث الحس المحيطة بأنواع الأشجار المثمرة والأمياه الجارية تعلقت بها أوهامهم [يعني المسلمين] وطلبوا العدم الذي ما له حقيقة ولا محصول؛ إذ عجزوا عن المعاني المعقولات، ولو عرفوا الجنة لسارعوا إليها وكانوا مخلدين فيها..، وأما زعمهم بأن الجنة عرضها السموات والأرض فقد جهلوا معنى هذا القول، فإذا كان عرضها السموات والأرض فكيف يكون طولها وأين تكون النار منها..، وإذا رجعنا إلى المعاني الحقيقية وجدنا الجنة هي الدعوة الهادية المهدية وأثمارها العلوم الإلهية الحقيقية التي بها يتخلصون الموحدون [كذا في المطبوعة] من جهلهم من داء الشرك، وأما معنى الطول والعرض فإن طولها هو العقل الكلي الذي هو قائم الزمان إمام المتقين القائم بالحق.، وكان عرضها مثل النفس القابل بالبركات العقل والتأييد..، وأما النار فهي من حيث المحسوس المحرقة للأجسام..، والنار الموقدة التي تطلع على الأفئدة فإنها مثل العقل لأنه مطلع على سرائر العالم عالم بجميع اعتقاداتهم، وأما المذموم منها نار العذاب وهي الهاوية والجحيم، وهذه الأسماء معنى الشريعة التي هو وأهلها غووا ولقوا فيها العذاب” [رسائل الحكمة، رسالة الزناد ص272 و 273].
8 – ومن أصول الدروز التقية حتى لا يحكم عليهم بالكفر والزندقة:
ولذلك جاء في كتاب تعليم الدين الدرزي: “س: لماذا ننكر كل الكتب سوى القرآن عندما نسأل؟ جـ: اعلم أنه من حيث يلزمنا الاستتار بدين الإسلام يجب علينا الإقرار بكتاب محمد، وحُلل لنا ذلك الإنكار وصلاة الجنازة على الموتى بموجب الاستتار لا غير، لأن المذهب الظاهر اقتضى بذلك” [تعليم الدين الدرزي ص15، وراجع ص41 من المصدر نفسه].
9 – الدين الدرزي دين مغلق:
بمعنى أنه لا يمكن لغير الدرزي أن يصبح درزيا؛ لأن باب الدخول إليه قد أغلق بغيبة الحاكم سنة 413هـ.
“س: فإذا عرف أحد من الناس دين مولانا وسدَّق به وأطاع دين التوحيد وعمل بحسبه، هل له خلاص؟ جـ: لا خلاص له أبدا، لأن الباب أغلق وتم الأمر وجف القلم وإذا مات ترجع نفسه إلى ملته ودينه القديم” [المصدر السابق ص17].
10 – يؤمن الدروز بالتقمص:
ويعنون به أن الجسد كالقميص للروح؛ فإذا مات الإنسان انتقلت روحه إلى إنسان آخر يولد، ويمنعون التناسخ وهو انتقال الروح من الإنسان إلى الحيوان، والدروز ينقسمون إلى عُقّال وجهال، والعقال هم الذين يطلعون على أسرار المذهب وحقائق عقائده، أما الجهال فلا يسمح لهم بذلك ولا يعرفون من المذهب إلا قشورا يسيرة، ويحكم عليهم بالعار والإعسار بعد الموت.
“س: هل للجهال من الدروز خلاص أو مرتبة عند الحاكم إذا ماتوا على ما هم عليه من غير عقل؟ جـ: لا خلاص لهم أبدا، ويكونون عند مولانا في الإعسار والعار إلى أبد الآبدين” [تعليم الدين الدرزي ص20].
* وللدروز عقائد أخرى ومصطلحات فلسفية وتقاسيم خرافية، وللاستزادة تراجع الكتب التالية:
1 – مذهب الدروز والتوحيد، للدرزي عبد الله النجار.
2 – أيها الدرزي عودة إلى عرينك، محمد يوسف الزعبي.
3 – تعليم الدين الدرزي، لمؤلف مجهول.
4 – العقيدة الدرزية، أنور ياسين.
5 – عقيدة الدروز عرض ونقد، لمحمد أحمد الخطيب.
6 – حقيقة الدروز، لزيد بن عبد العزيز الفياض.
7 – حل الرموز في عقائد الدروز، لمحمد سليم الآمدي البخاري.
– ولنكتف بهذا القدر، وإلى لقاء قادم في مقال قادم إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين