يقول الأستاذ أبو مصعب السوري في كتابه: “الثورة الإسلامية الجهادية في سوريا”:
حتمية الحل الجهادي:
إن الواقع الأليم والمرير القائم في البلاد الإسلامية بسبب قيام أنظمة حكم غير إسلامية بدأ يفرز نتائج عملية من الضغط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي أصبحت مشاكل يومية ملحة تضغط على الشعوب المسلمة، هذا فضلاً عن بعد هذه الأنظمة عن الإسلام، وارتدادها والقائمين عليها كما بينا .. وقد أصبح مجرد الكلام والتفكير في هذه الحال المزرية التي وصلت إليها البلاد والعباد تهمة سياسية يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام، هذا ناهيك عن التعرض لشكل الحكم بالنقد والإيضاح للحالة الفاسدة التي هو فيها.
يتحدث الدكتور عبد الله النفيسي عن الحالة القائمة في البلاد العربية -وهي الشريحة الرئيسية في العالم الإسلامي والمسؤولة عن دور الصدارة والقيادة فيه- فيقول: (في عالمنا العربي المعاصر الحافل بضروب العسف والقهر والقمع والظلم والجور والامتهان للإنسان، يحاول النظام السياسي العربي -بشتى راياته ومسمياته- أن يغرق المواطن في بحر من اليأس والتسليم، اليأس من التغيير الجذري للأوضاع وبالتالي التسليم لها ولجبروتها، ولا يدخر النظام السياسي العربي وسعاً في تمرير رسالته اليومية للمواطن: أنه -أي النظام- جاء ليبقى وليبقى مدى الحياة ويحاول النظام أن يحيط نفسه بكافة المتكآت المادية والمعنوية لتأكيد هيبته وقوته وسيطرته على الأوضاع، وأحياناً يلجأ لفرض هيبته بطريق معاكس، أقصد التبسط المبالغ فيه والتواضع غير الطبيعي وغير المعهود من هذا النظام: قوي (!) متماسك واثق من خطاه، يعرف أهدافه ووسائله، له خطه، على رأسه رجل فذ ذكي مفرط الذكاء يقظ يقرأ كثيراً، يعمل كثيراً، وفوق هذا وذاك متيم بحب الشعب وكل ما هو شعبي .. هذه هي رسالة النظام الإعلامية اليومية، وينقل هذه الرسالة جيش من أُجَراء النظام مدرسين … موظفين … طلاب طالبات … أئمة المساجد … صحفيين ورؤساء تحرير صحف، مذيعين ممثلين … بائعات هوى .. قوادين … تجار خمور وحشيش وذهب، وفعاليات اقتصادية وما أدراك ما الفعاليات..؟؟
فسرطان النظام تسرب لكل ضروب الخلايا الاجتماعية. ويدخل النظام في روع المواطن المستلب عن طريق الجريدة والمذياع والمدرسة والجامعة والتلفاز أن السياسة حشيش، شيء يحظره القانون وتأباه الأعراف الأسرية وأن للسياسة رجال في الحكم يعرفون أكثر، ويفهمون أكثر، ويلمون بأمور أكثر، ويطلعون أكثر، وحسب المواطن أن يأكل العلف كل يوم، ويرعى في المراعي كل يوم ويحلبه الرعاة كل يوم، وفي آخر النهار يعود إلى الحظيرة كأي سائمة، لا ينطق حرفاً صائباً ولا يكتب جملة مفيدة، يملأ جوفه وينزو على أنثاه، ويتقلب على ظهره كالبعير في المراغة ويهذي ثم ينام من غير أن يتجافى جنبه عن المضجع ويشخر شخير من مات قلبه .. هكذا يريدون المواطن العربي وهكذا يكون عندهم صالحاً، لكن -وهذه حقيقة يعرفها الكل- ما هكذا أراده الإسلام ولا هكذا أرادته الشريعة الإسلامية ولا هكذا يكون المواطن في الإسلام) اهـ.
ويضيف: (والسياسة برأيي المتواضع ليست حشيشاً أو شيئاً يجب أن يحظره القانون وإنما السياسة هي الإدارة العامة لشؤون الناس وهذه الإدارة إما أن تفضي إلى عدل أو ظلم والقرار السياسي في محصلته النهائية هو الذي يحدد طبيعة التعليم الذي نتلقاه وطبيعة الطعام الذي نأكله وطبيعة المسكن الذي نسكنه ( … ) نحن مادة القرار السياسي الذي يتخذه رئيس الجمهورية أو الأمير أو الملك.. نحن المعنيون به.. نحن ضحاياه أو فرسانه ( ……. )
من أجل هذا وقف الإسلام في كافة التشريعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية موقفاً حاسماً من قضية المشاركة الشعبية في القرار السياسي ولصالحها فللمسلمين الحق في محاسبة حكامهم) (1).اهـ.
وطبيعي أنه لن يتسنّى لأعمال الإصلاح فضلاً عن أعمال التغيير السياسي أن تؤتي أكلها إن لم تنتظمها برامج معدة تنتهي بأهداف مبتغاة ويقوم على تنفيذها جماعة من المؤمنين بها، ومن هنا كان الواجب على المسلمين في ضوء ظروفهم التي بينا آنفاً من غياب أحكام الإسلام وما أسفر عنه هذا المنكر من مناكير فرعية لا تعد ولا تحصى… نقول أنه من الواجب على المسلمين أن تنتظم صفوفهم بشكل جماعي يهدف إلى إسقاط هذه الأوضاع والقائمين عليها سعياً وراء إحداث التغيير الجذري الإسلامي الشامي وتوحيد العالم الإسلامي وإعادة الخلافة – وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم أنها ستعود.