جرائم/مجهول/معلوم 🔴
ترتكب الجرائم في زمان ومكان الاستقرار وسيادة القانون، يرتكبها مجهول أو معلوم، يعاقب عليها أو لا يعاقب، لكنها في زمان ومكان اللا استقرار والانتقال أكثر وأخطر.
أتحدث عن الثورة السورية خاصة، وعن الثورات الأخرى عامة، عندما تكون المجموعات والتنظيمات كثيرة محققة لتوازن قوى، تستخفي عند ارتكاب الجرائم والانتهاكات أو تصفية الحسابات، خوفاً من العاقبة، لكن عندما تتوحد هذه المجموعات والتنظيمات أو يغلب أحدها ويتضخم على حساب غيره، فهو أمام استحقاق تنظيم الحياة وإقامة العدل، وفي الغالب لا يفشل بل يرفض لتعارض ذلك مع مصلحته “العليا”، أمثلة وأدلة التاريخ كثيرة.
الكثير من الاغتيالات والاختطاف والتهديدات، الكثير من الجرائم التي ارتكبها مجهول أو معلوم، ونادراً ما كانت فردية، لم يُعاقَب فاعلها، وبعضها يمر دون ذكر حتى، ويُنسى الضحية كما نَسي العالم ملايين السوريين الذين مزقهم إجرام العالم ذاته.
أكثر من ارتكبت الجرائم في حقهم هم الذين يقولون لا للجرائم أو يفضحونها أو يسألون عنها على الأقل، ولا تقل جريمة كتم الأنفاس ومنع كلمة الحق أن تقال عن جريمة إزهاق الروح، فالانسان بلا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر جسد مقهور أو شيطان أخرس.
هناك فرق بين المجهول الذي يغتال الإعلامي حسين خطاب ويستخفي من الناس، والمعلوم الذي يغتال كلمة بلال عبدالكريم ويعلنها مجاهراً بها ولا يستحيي من الله ولا من الناس الذي يعلمون أن تهمة بلال هي كلمة الحق والنقد والمطالبة بالعدل، وقس على حسين وبلال الكثيرين، ممن قتلوا أو خطفوا أو سجنوا في درعا والغوطة وحمص وإدلب وشمال حلب، أما الخوارج فحدث ولا حرج.
وعلى كل حال، يتحمل المتفرد المتصدر مسؤولية ما يرتكبه هو من جرائم داخل المحرر أو على المعابر إن كان دهساً للمتظاهرين أو رداً للهاربين من مناطق النظام أو إفساداً لنظام الشرع والعدل، ويتحمل ما يرتكبه غيره من جرائم إن كان تفجيراً في جسر الشغور والباب وغيرها، أو كان اغتيالات من مجهولين، أو اختطاف وابتزاز مادي ومعنوي، طالما أنه نصَّب نفسه في موضع الأمانة والمسؤولية.
أقرأ في بعض القنوات التي يصل أصحابها إلى مستوى السفاهة مقارنات بين مناطق الثورة، وتعييراً متبادلاً بكل حدث يحصل مع الخرس التام عندما يكون الانتهاك من أهل ودِّه وهواه أو أولياء نعمته، فليعلم الجميع أنه لا تفضُل منطقة على منطقة إلا بإقامة الشرع والعدل على المستبد المتفرد قبل غيره، وإنما يكون العوج من الثور الكبير كما يقول أهل الشام.
أعتب على النخب وخاصة الإعلاميين الذين ينتقون أخبارهم، والواجب أن يكون هناك مواقع وقنوات وصفحات مشتركة بينهم تسجل وتنشر كل شاردة وواردة (عدا التي تضر بالثورة أمام عدوها)، سواء كانت جريمة ارتكبها مجهول أو معلوم، مع ذكر ما ورد من أدلة وبيان، وإلا فيستمر هؤلاء بارتكاب جريمة خذلان بعضهم، فيسكت الضعيف ويُغتال القوي أو يُسجن ويُساوم على السكوت.
الثورة والجهاد هدم باطل وبناء حق، ولا يكون هذا بغير تعاون على البر والتقوى، ويصعب إن كان التعاون على الاثم والعدوان، ولا حول ولا قوة الا بالله.
Telegram
أبو يحيى الشامي