تعليقات على رسالة الأربعون في فضل الشهادة، وطلب الحسنى وزيادة للشيخ أبي يحيى الليبي تقبله الله من الحديث الخامس والثلاثون إلى الحديث السابع والثلاثون

أربعون الشهادة الحديث الخامس والثلاثون: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» فَقَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ».
رواه مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم وغيرهم.

الفوائد:
🍀 إثبات صفة الضحك لله عز وجل على ما يليق بجلاله.
🍀 الإسلام مع التسديد يجُبُّ ما قبله.
🍀 أن الهداية والتوفيق إليها بيد الله عز وجل، هذا مع سعة رحمته وجميل عفوه.
🍀 هذا الفضل يحصل لمن كان قتاله في سبيل الله، ففيه التحضيض على الإخلاص والاستقامة.
🍀 أن الولاء معقودٌ على رابطة الإيمان لا غير، فالقاتل لما كان كافراً كان عدواً لله وللمؤمنين، فلما آمن صار من جملة عباد الله المحبوبين.
🍀 حسن عرض العلم بالتشويق والترغيب، وهذا ظاهرٌ في الحديث، ولذا بادر الصحابة رضي الله عنهم بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجلين المذكورين.

جزء 1 من 2

أربعون الشهادة الحديث الخامس والثلاثون: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ» فَقَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ».
رواه مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم وغيرهم.

الفوائد:
🍀 قال العلامة السعدي عن الحديث المذكور: (وهذا أيضًا من كمال وجمال إحسانه وسعة رحمته، فإن المسلم يقاتل في سبيل الله ويقتله الكافر، فيكرم الله المسلم بالشهادة، ثم يمن الله على ذلك الكافر والقاتل فيهديِه للإِسلام، فيدخلان الجنة جميعا، وهذا من تفريع جوده المتتابع على عباده من كل وجه، والضحك يكون من الأمور المعجبة التي تخرج عن نظائرها، وهذه الحالة المذكورة كذلك، فإن تسليط الكافر على قتل المسلم في بادئ الأمر أمر غير محبوب، ثم هذا المتجرئ على القتل يتبادر لأذهان كثير من الناس أنه يبقى على ضلاله ويعاقب في الدنيا والآخرة، ولكن رحمة الله وإحسانه فوق ذلك كله، وفوق ما يظن الظانون ويتوهم المتوهمون). [التنبيهات اللطيفة:55].
🍀 قال السعدي: (وهذا الحديث من جملة الأحاديث المرغبة في الدخول في الإسلام وفتح أبواب التوبة بكل وسيلة؛ فإن الإسلام يَجُبُّ ما قبله، وما عمله الإنسان في حال كفره، وقد أسلم على ما أسلف، حتى الرقاب التي قتلها نصراً لباطله، والأموال التي استولى عليها من أجل ذلك. كل ذلك معفو عنه بعد الإسلام). اهـ.

جزء 2 من 2

أربعون الشهادة الحديث السادس والثلاثون: عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ».
رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

الفوائد:
🍀 علمُ الله تعالى بسرائر عباده وأنه لا تخفى عليه منهم خافية.
🍀 عظم منزلة الصدق، وأن المعوَّل عليه أولاً هو صدقُ القلوب، قال المناوي: ((قيَّدَ السؤال بالصدق لأنه معيار الأعمال ومفتاح بركاتها وبه ترجى ثمراتها))اهـ.
🍀 الحرص على نيل الشهادة والصدق في طلبها، قال المناوي: ((وفيه ندب سؤال الشهادة بنية صادقة))اهـ.
🍀 العزمُ على الأعمال الصالحة ونيةُ أدائها، وأنَّ النية تبلِّغ صاحبها من المراتب ما لم يبلغه بعمله، قال النووي: ((وفيه استحباب سؤال الشهادة واستحباب نية الخير))اهـ.
🍀 أن من عزم على العمل الصالح واجتهد في القيام به ثم عجز عنه لمانعٍ تفضَّل الله عليه بثوابه، قال تقي الدين السبكي: ((والذي نعتقده أن الله يعطيه مرتبة الشهداء لقصده وسؤاله وعدم تمكنه من الوصول إليها)).اهـ.
🍀 تحصيل هذا الفضل قد عُلِّق على وجود أمرين: الأول: سؤال الله الشهادة، أي أن يدعوَ الإنسان ربَّه بأن يرزقه الشهادة في سبيله. الثاني: الصدق في طلبها، وهذا وإن كان في الأصل محلُّه القلب إلا أن له علاماتٍ تدل عليه، وهي في الجملة السعي الحقيقي لتحصيل أسباب الشهادة والبحث عنها في مظانها عند الإمكان، ونحو ذلك، كما قال تعالى ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾[التوبة/46] والله أعلم.
🍀 قال ابن القيم رحمه الله: (ولا ريب أن ما حصل للمقتول في سبيل الله من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على ما حصل لناوي ذلك إذا مات على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد، فها هنا أجران: أجر وقرب، فإن استويا في أصل الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي أثراً زائداً وقرباً خاصاً وهو فضل الله يؤتيه من يشاء). [عدة الصابرين: 218].

أربعون الشهادة الحديث السابع والثلاثون: عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ»، قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
رواه أحمد، ومسلم، وابن حبان، وغيرهم.

الفوائد:
🍀 جواز تسمية القتيل في حرب الكفار شهيداً وإطلاق هذا الوصف عليه ما لم يُعلَم بوجود مانعٍ من ذلك.
🍀 خطر الغلول ووجوبُ الحذر من قليله وكثيره، وأن الشهادة لا تكفِّره.
🍀 أن العبرة بالحقائق لا بمجرد الأسماء.
🍀 نيل الشهادة متوقفٌ على تحقيقِ شروطٍ وانتفاء موانع، ومن موانعها الغلول.
🍀 لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، قال النووي: ((ومنها أنه لا يدخل الجنة أحد ممن مات على الكفر وهذا بإجماع المسلمين))اهـ.
🍀 قال ابن حجر الهيتمي: ((قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَالْغَنِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْغُلُولُ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالزَّكَاةِ))اهـ.

بقيّة

Exit mobile version