الشيخ: أبو حمزة الكردي
قال تعالى: (ذلكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب).
تعظيم شعائر الله جل وعلا من أهم العبادات التي اقترنت بحج بيت الله الحرام، وشعائر الله هي أعلام دينه الظاهرة التي أمر بتعظيمها، ومن أخصها: بيت الله المحرم، ومناسك الحج؛ لذا خص الحج بأحكام تربي في المسلم هذا التعظيم لشعائر الله جل وعلا وتحذر من الاستهانة في ذلك، قال تعال: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ)، وقال جل وعلا: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)..
لذا كان التزام الحج بكمال الأدب هو سبيل طالب المغفرة، كما قال تعالى: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).
وكان من أعظم الإجرام الصد عن سبيل الله وإيقاع الظلم بالبلد الحرام، كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم). وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً».
وأعظم شعيرة من شعائر الله عز وجل وهي أعظم مقصد من مقاصد الحج هي: التوحيد “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”. توحيد الله عز وجل بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، توحيد الله عز وجل في الاعتقاد بالقلب والقول باللسان والعمل بالجوارح والأركان، توحيد لإلهنا الإله الواحد الذي له لبى الحجيج، قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ).
– وإن هذا التعظيم لشعائر الله بالحج ولحرمات الله سبحانه وتعالى يمتد ليشمل حياة المسلم كلها، فالحج مدرسة تهدف لاستقامة الحياة؛ لذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أن حرمة المسلم هي كحرمة المناسك المقدسة فقال في خطبته يوم النحر بِمنىً في حجة الوداع: «إنَّ دِماءَكُم وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت».
– فما أعظم المجاهد الذي يبذل روحه في سبيل الله تعالى مدافعا عن التوحيد والإسلام منافحا عن دماء الأمة وأعراضها، فهذا ممن يعظم شعائر الله جل وعلا حقا حقا، وما أبأس الشقي الذي يقاتل لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها أو راتب يأخذه، فهذا هو المتلبس بحرمات الله المستهتر بشعائره، المحروم من خيري الدنيا والآخرة.
– فاللهم ارزقنا الحج والعمرة إلى بيتك الحرام آمنين مطمئنين نحن وأهلنا ومن نحب يا رب العالمين.