بلال عبد الكريم صوت المظلومين / مقال / مجلة بلاغ العدد الخامس عشر لشهر محرم 1442هـ

متابعة: أبو محمد الجنوبي

 

 بلال عبد الكريم المسلم المهاجر في سبيل الله تعالى صوت المظلومين ونصير المستضعفين، ولد نصرانيا في أمريكا باسم “داريل لامونت فيلبس” ولكنه ما إن شب وترعرع حتى بحث عن الحق واجتهد في معرفة حقيقة الدنيا فهداه الله جل وعلا إلى الصراط المستقيم وأعلن الإسلام وهرع يتعلم أحكام الدين وينهل من بركاته.

 ولَّى ظهره لمواطن صباه ومراتع طفولته وأضواء حضارة الغرب لينطلق إلى بلاد العرب والمسلمين لتتحد روحه مع أمته ويعيش بين الشعوب المسلمة؛ فاستقر في مصر وزار السودان، وظل يعمل على الاستزادة من تعاليم الشرع الحنيف.

 فلما جاءت الثورة السورية انطلق ليضحي بنفسه في سبيل الله وليقدم للأمة المسلمة جزاء إحسانها فكان من أوائل الصحفيين الوافدين الذين دخلوا سوريا؛ حيث وصل سنة 2012م أي بعد سنة واحدة من انطلاق الثورة وقبل ثمان سنوات من الآن.

 ووجد أن الثغر الذي يمكن من خلاله أن ينصر المستضعفين هو الإعلام الميداني الذي ينقل معاناة المسلمين في سوريا بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، والذي ينقل قضية المجاهدين إلى العالم أجمع، فجاب الخطوط الأولى للمعارك، وهرول إلى أماكن القصف، وزار المخيمات، وتردد على المشافي، والتقى قيادات الجهاد، كل ذلك لينقل للعالم حقيقة ما يحصل هنا؛ فيعمل ما استطاع على تخفيف معاناة الشعب المسلم المستضعف في سوريا.

 ثم كانت مأساة حلب فدخل رغم المخاطرة إلى قلب حلب فكان عين العالم على حلب الذي من خلاله يشاهدون أكبر المجازر التي ترتكب على الهواء مباشرة، وظل عدة شهور في حلب يؤدي واجبه ويقوم به خير قيام إلى أن تهجر أهلها فخرج معهم تحيطه دعوات المظلومين أن يوفقه الله لكل خير وأن يجزيه خير الجزاء.

 خرج الناس من حلب مُتعَبين؛ فمنهم من سافر إلى تركيا وأوربا، ومنهم من جلس وألقى السلاح، ومنهم، ومنهم، ولكن بلالا أكمل المسير وتابع نصرته للحق وأهله فما من معركة إلا وتجده في ميدانها، وما من قصف إلا ونقل حقيقته، وما من أزمة إلا كان سندا للمكروبين فيها.

 تعرض للموت عدة مرات، بل وقام طيران التحالف الأمريكي باستهداف أماكن يتواجد فيها، مما دعاه لتوكيل محامي لمقاضاة ترامب على ذلك.

 وفي الآونة الأخيرة لاحظ زيادة الظلم الذي يقع على هذا الشعب المظلوم من كل جانب، وعلم بمقتل مروان عمقي بالتعذيب في سجون الهيئة، وشاهد بيانا لا يقبله عقل يزعم انتحار العمقي، فسارع بلقاء أهله وتحري الحقيقة التي ظهرت بعد ذلك وهي أن العمقي مات بالتعذيب في سجن إدلب، مما جعل السجانين يخرجون بيانات ثانية يدعون فيها أنهم سيحاسبون المسؤولين عن هذا التعذيب.

 لذلك عمل بلال عبد الكريم على مساعدة المسجونين المظلومين وتوفير الحقوق الشرعية التي كفلها الإسلام لهم، وأعد ميثاقا لذلك وعرضه على قيادات مجتمعية وقيادات من الهيئة ولكنه لم يجد تجاوبا مقبولا من الهيئة؛ فكان من أنشطته الإعلامية أنه يوصل نداء المظلومين ويطالب الهيئة ببيان الحق فيما يثار من قضايا كتعذيب الإغاثي أبي حسام البريطاني وإهانة والدة القيادي أبي العبد أشداء وكشف ستر زوجة الإعلامي أحمد رحال، وكان يقول: “لم أقابل حتى قِطًّا يحب أن يتعرض للتعذيب”. فقوبلت مناشداته تلك بهجوم ملثمين عليه بعد خروجه من صلاة المغرب في المسجد ليلة الجمعة 23 ذي الحجة 1441هـ، واعتدوا عليه واقتادوه لمكان مجهول. 

 وقد ندد قادة المجاهدين وأصحاب الأقلام الحرة بجريمة الاعتداء على بلال عبد الكريم وكتب عنه “معظم بيج” المعتقل السابق في جوانتنامو: “لا يملك العالم الإسلامي إلا قليلا من الصحفيين مثل بلال عبد الكريم فوجوده في إدلب يجب أن يكون مصدر فخر لسلطات هيئة تحرير الشام، كان يجب أن يحصل على الأوسمة والجوائز مقابل عمله”.

 ويقول محامي بلال عبد الكريم كلايف ستافورد سميث: “هيئة تحرير الشام قامت باعتقلال بلال عبد الكريم وتهدده بالمحاكمة بينما على الطرف الآخر يصر الرئيس ترامب على الحكم عليه بالموت بدون أية إجراءات على الإطلاق”.

 ولكن سيظل صوت الحق أقوى من قيود الظالمين.

Exit mobile version