الأستاذة خنساء عثمان
بسم الله الرحمن الرحيم
اختي المؤمنة حديثي لك اليوم انطلق من الواقع المؤلم الذي نمر به وقد رأينا البلاء قد اشتد وفقد الأحبة أو بعدهم امتد والمحن تكاثرت وما ذاك الا لحكمة يعلمها الله لانستطيع أن نحيط بعلمها
فلنجأ الى الصبر والإحتساب عزاؤنا في هذا أن ثمن الصبر عظيم الا وهو دخول الجنة التي أعدها الله لعباده الصابرين
وطريق الدعوة طريق مليئ بالأشواك
محفوف بالمكاره
جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
(لما خلق الله الجنة والنار ارسل جبريل الى الجنة فقال اذهب فانظر اليها والى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر ما أعد الله لأهلها فيها فيها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها فأمر بالجنة فحفت بالمكاره فقال فارجع فانظر اليها والى ما أعددت لأهلها فيها قال فرجع فقال وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد…..الحديث)
نعم هذا طريق الجنة حفه الله بالمكاره فأين المشمرات الصابرات على بعد الأحبة في سبيل الله
هذه إرادة الله في هذا البلاء والسبب أن الله يغار على دعوته من تطفل المدعين
وما أصدق هذه الابيات تصف هذا الطريق
وقد حجبت عنا بكل كريهة
وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلم
وما ذاك إلا غيرة أن ينالها
سوى كفؤها والرب بالخلق أعلم
فلله ما في حشوها من مسرة
وأصناف لذات بها يتنعم
أختاه
إن أكثر الناس اليوم كما جاء في كتاب حادي الارواح
(…صحبوا الدنيا صحبة الأنعام السائمة لاينظرون في معرفة موجدهم …..ولا في المراد من إيجادهم… وإخراجهم الى هذه الدار التي هي معبر وطريق الى دار القرار ولايتفكرون في قلة مقامهم في الدنيا الفانية وسرعة رحيلهم الى الآخرة الباقية …)
فلا تغرنك مظاهر الإستقرار في حياتهم
واحمدي الله أن أحبابنا
هذا وصفهم عند ابن القيم(…. لما علم الموفقون ما خلقوا له وما أريد بإيجادهم رفعوا رؤوسهم فإذا علم الجنة قد رفع فشمروا اليه
وإذا صراطها المستقيم قد وضح لهم فاستقاموا عليه
ورأوا من اعظم الغبن بيع ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في أبد لايزول
بصبابة عيش إنما هو أضغاث أحلام أو كطيف زار في المنام مشوب بالنغص …ممزوج بالغصص…إن أضحك قليلا أبكى كثيرا
وإن سر يوما أحزن شهورا
أفنستكين للدنيا ونترك الجهاد في سبيل
الله؟
خوفا من فقد الأحباب؟
هذا ما لا بختاره من اختار الآخرة
بل يصبر ويحتسب
ولننظر الى من بلاؤه اعظم منا
قال صلى الله عليه وسلم
لينظر أحدكم الى من دونه ولا ينظر الى من فوقه
ولنعلم ان هذه المصائب من علامات محبة الرب للعبد قال صلى الله عليه وسلم(إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )
فلنصبر ولنعلم أن الصبر لا يأتي دفعة واحدة بل يأتي بالتصبر لذا قال صلى الله عليه وسلم ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا أوسع من الصبر
والمؤمن بشره في وجهه ويكتم الآلام ويشكو أمره لربه
وهذه بعض من بوح زوجة اسير
تظهر لنا المعاناة الممزوجة بالصبر والاحتساب
لعلها تكون لنا زادا للصبر
أدعوك في جوف الدجي
ياربي الخلاق
باحت بسري آهة
ودمعي الرقراق
امشي بوجه باسم
وأكتم الأشواق
فظاهري تجلد
وباطني إشفاق
قد سمعت نجوم
أنين قلب تاق
فرقت الأرجاء
والفكر غي استغراق
لكن إيماني بدا
والقلب في إشراق
الخير فيما اختاره
الهنا الخلاق
جنات ربي غالية يلزمها الصداق
والدنيا لا تعدل بعوضا
بل هي السباق
لنيل جنات العلى
فلنسرع اللحاق
هل بعد ليل دامس
الا سنا الإشراق
وبعد كرب مؤلم
الا نعيما باق؟؟؟؟؟
نعم النعيم الباقي هو عزاؤنا
وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير
إن أصابته سراء شكر فهو خير و إن أصابته ضراء صبر فهو خير
فهل بعد هذا العزاء عزاء؟؟
وأختم حديثي هذا بدعاء الصالحين ممن قبلنا، ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين