إعداد: أبو جلال الحموي
يبدو أن التحركات العسكرية والدبلوماسية في الأيام الماضية تهدف لأمور لا زالت محل تآمر لم تظهر كامل أبعاده حتى الآن؛ فقد لوحظت حركة انتقال عسكرية روسية من سوريا إلى أوكرانيا، وتسليم بعض أماكنهم في سوريا للقوات الإيرانية، تزامن ذلك مع زيارة رئيس العصابة الكيماوية بشار الأسد إلى إيران والتقائه بزعماء إيران السياسيين والدينيين، فيما يشير إلى انشغال روسي عن سوريا تقوم إيران بسد فراغه واستثماره في تقوية نفوذها بالمنطقة.
فيما ظهر أن الموقف التركي لا زال يعاني من تحديات داخلية وخارجية وتذبذب مواقف تجعله أضعف مما يتوقع المرتهنين به؛ ففي هذا الشهر زار الرئيس التركي السعودية وأبدى ترحيبه بتطبيع العلاقات معها بعد أزمة مقتل خاشقجي الذي قتلته المخابرات السعودية داخل القنصلية السعودية في تركيا.
واتخذت تركيا خطوات تجاه العدوان الروسي كإغلاق البسفور بوجه السفن الروسية المتجهة إلى أوكرانيا وإغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات العسكرية والمدنية الروسية المتجهة إلى سوريا، ولكنها خطوات تبدو دعائية أكثر من كونها مؤثرة ميدانيا في الساحتين.
واتخذ السباق الانتخابي الداخلي التركي مسألة المهجرين السوريين كمسألة دعائية بين الأطراف المتصارعة؛ فالمعارضة تضغط في اتجاه إخراج المهجرين السوريين من تركيا، والحكومة التركية تظهر رغبتها في تيسير عودة أكبر قدر من المهجرين إلى الداخل السوري عبر ترحيل المخالفين لنظم الإقامة وإقامة المشاريع السكنية في الداخل السوري لتهيئة الظروف لعودتهم، وقد أدى التنافس الانتخابي التركي بين الطرفين لمنع نزول اللاجئين السوريين لقضاء إجازة العيد في سوريا للعام الثاني على التوالي؛ حيث حالت أزمة كورونا دون نزول أكثرهم في العام الماضي، وحالت المنافسة الانتخابية دون نزولهم هذا العام؛ حيث طالبت المعارضة بعدم عودة من يذهب في العيد لسوريا، فمنعت الحكومة التركية نزولهم لسوريا بعد يومين فقط من سماحها بذلك.
– وفي هذا الشهر نشرت صحيفة الغارديان البريطانية فيديو لمجزرة حي التضامن جنوب العاصمة دمشق والتي وقعت في نيسان 2013، وهي مجزرة بشعة تظهر كيفية إعدام العصابة النصيرية لعشرات المدنيين بدم بارد وبطريقة حقيرة ساخرة، وقد لقي هذا الفيديو استنكارا عالميا واسعا، وغضبا شعبيا عارما، وقد عمل النظام النصيري على لفت الأنظار عن هذه المجزرة بإصدار ما سموه عفوا عن السجناء، أخرج من خلاله بضع مئات من المساجين، محتفظا في الوقت نفسه بآلاف غيرهم في غياهب السجون الإجرامية.
– وفي وضع إدلب الداخلي فقد ازداد إقبال الأهالي على المساجد في شهر رمضان، وشهد العشر الأخير من رمضان إقبالا ملحوظا على الاعتكاف بعد أن حرموا منه في رمضان الماضي بسبب كورونا.
وفي الجانب الأمني فلا زالت حملات اعتقال أفراد من التيارات الإسلامية والنشطاء مستمرة، وإن لوحظ الإفراج عن عدد من الأسرى الذين اعتقلوا قبل أكثر من سنة مثل الإفراج عن الأخ أبي عبد الله السوري القيادي المعروف ابن الشيخ أبي فراس السوري الذي استهدفه التحالف الصليبي قبل سنين في المنطقة.
ومما ظهر في هذا الشهر بعد إخفاء وإنكار هو تسليم قيادة هيئة تحرير الشام عددا من المهاجرين إلى المخابرات التركية بعد أسرهم في إدلب ودخولهم سجون الجولاني، وهو التسليم الذي يظهر بوضوح بعض حقيقة هذه القيادة وتآمرها.
وقد استمر في هذا الشهر انكشاف حقيقة قيادة هيئة تحرير الشام؛ حيث استقال منها مسؤول القضاء العسكري والداخلي وقضاء المنظمات والقاضي الأمني بها أبو القاسم الشامي من جميع مهامه، وانتقد في منشورات على قناته بالتليجرام الفساد الذي لاحظه على عدد من قياداتها.
وقد بدا في هذا الشهر توجه قيادة الهيئة للدخول في صراعات وتحالفات مع فصائل درع الفرات؛ حيث تحالفت مع أبي عمشة المحكوم بسبب فساده العريض من قبل لجنة شرعية ارتضاها هو بالطرد من كافة المناصب القيادية، فآوته الهيئة واستقبلته في إدلب وأظهرت وقوفها معه، كما حصلت عدة توترات عسكرية بين الهيئة وفيلق الشام والفيلق الثالث.
وفي خبر لا يستغربه من يعرف حقيقة معابر التهريب التي تفتحها قيادة الهيئة مع نظام الأسد، وكذلك معنى التحالف بين الجولاني وأبي عمشة، أعلنت الجمارك التركية ضبط أكثر من مليوني حبة مخدر قادمة من معبر باب الهوى الذي تديره قيادة الهيئة.
فيما لا زالت تعاني إدلب من فساد بعض المنظمات التي تروج انحرافاتها تحت إشراف هيئة الجولاني؛ حيث أقامت الجمعية السورية للإغاثة والتنمية برنامجا تثقيفيا يدعو لعدم تزويج من هم تحت سن ثماني عشرة سنة، وأعدت منظمة أخرى تقريرا بعنوان “الجنس مقابل البقاء” تشيع فيه الفاحشة بزعم نقل الواقع، كما أقيم لأول مرة حفل موسيقي علني على جدران مسجد في مخيم الكمونة بحضور وفود نسائية متبرجة وتحت إشراف وحماية أمنيي الجولاني.
* أسأل الله أن يحفظ أهل إدلب من كيد الماكرين، وأن يجعل عيدهم سعيدا، وكل عام وأنتم بخير.