أبو جلال الحموي
يتابع الحراك الثوري نشاطه في إدلب رغم التضييق الكبير وملاحقة واعتقال الصادعين بالحق الناشطين فيه، ويثبت على مطالبه المحقة رغم طول المدة والصعوبات التي تواجهه، ليعري الفساد وأهله، ويناصر المعتقلين المظلومين وضعفاء المسلمين المظلومين فلا يخذلهم إذ خذلهم الخاذلون، وتستمر مظاهرات الحرائر في المطالبة بالمعتقلين رغم المضايقات المتزايدة من الجولاني وأتباعه، ومن آخرها دعوةٌ فاجرةٌ من أحد شبيحة الجولاني لاعتبار النساء المسلمات العفيفات سبايا، ولم يتعرض له أحدٌ باللوم والعقاب، إلا ما كان من المجاهدين الغيورين بالكلمة، ويترك الحق معلقاً حتى يسترد القضاء من أيدي الطغاة وأعوانهم.
بعد تمهيدٍ إعلاميٍ كبيرٍ، وتفاخر بالعدد والعدة، ووعود بالتحرير، تمخض الجُعَل فما عساه يلد؟! أُلغيت معركة تحرير حلب، اللاغية أساساً، والكلام الذي كان عنها إنما هو لغوٌ أيضاً ومن الأساس، فالجولاني والفصائل التي خضعت له لهم أسياد دوليين لا يستطيعون تخطيهم، وتفاهمات دولية تقيدهم، أذعنوا لها وتواكلوا، وهم عندما حضروا للمعركة ظنوا أن الحرب المندلعة بين الصهاينة وحزب إيران اللبناني ستجعل الغرب يسمح ويمهد الطريق لكي يسيطر ثوار سوريا على ما حرروه سابقاً، نكايةً بإيران وحزبها، وهذا الوهم بذاته، فمن وظف حلف إيران ضد الثورة السورية هم الغرب وربيبهم كيان الصهاينة في فلسطين المحتلة.
تطورت الحرب بين الصهاينة وحزب إيران اللبناني جنوب لبنان، وكأنها حربٌ من جهة واحدة، يقصف الصهاينة في كل مكان، ويتجولون في القرى الحدودية التي سيطروا عليها، ويدمرونها، والحزب يرسل وساطات لتتوقف الحرب عليه، ويستجدي وقفاً لإطلاق النار على شروط قديمة للصهاينة كان لم يوافق عليها سابقاً، والآن هو مدعو إلى التنازل أكثر وسيتنازل، وذلك بتعليماتٍ من الملالي في طهران، وقد خذلوا الحزب واستعملوه فيما أعدوه له، وهو أن يكون أداة ضغطٍ وسلعةَ مقايضةٍ وتفاوض، ولم تكن المناوشات بين الصهاينة والصفويين على قدر الحرب الإعلامية بينهم، قصفٌ متبادل بالصواريخ بعيدة المدى خسائرُ بسيطةٌ في الكيان المحتل والدولة الصفوية وانتهى.
ثارت موجة غضبٍ كبيرةٌ في المنطقة المحررة بسبب بناء مسجد باللون الأسود، وإطلاق اسم الزهراء عليه، وكان الغضب معلناً ضد الجهة التي رخصت وسمحت ببنائه على هذه الهيئة، وهي وزارة الأوقاف في حكومة الجولاني، التي هي أشبه بفرع مخابراتٍ مختصٌ بمتابعة المساجد ومراقبتها، وملاحقة الخطباء والأئمة والتدقيق عليهم وفصلهم فور مخالفتهم لسياسة الجولاني أو معارضتهم له، ومع أن المنتقدين لم يتعرضوا لفاعل الخير الذي بنى المسجد، حاول أتباع الجولاني تصوير الموضوع بطريقةٍ شخصيةٍ وتبرير بناء المسجد بهذه الطريقة باجتهاد المتبرع وحسن نيته، بينما المسألة هذه في سلسلة من الخطوات المنكرة التي تحسب على سلطة الجولاني الغاشمة، يجب التحذير منها لأن ما يتلوها أكبر منها بالتأكيد.
في سباق الانتخابات الأمريكية، عاد ترامب الجمهوري إلى سدة الرئاسة بعد أن هزم الديمقراطيين الذين رشحوا امرأة، ففاز عليها بفارقٍ واضح، وفاز الجمهوريون في انتخابات مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ما أعطاهم سلطةً شبه مطلقة في الرئاسة والكونغرس، ما يجعل قرارات ترامب أسرع وأقوى، ويؤثر بالتالي عالمياً، خاصة في منطقتنا، لكن المحللين السياسيين يتوقعون من ترامب حنكة أكبر مما كان عليه قبل سنوات، فلقد اكتسب خبرةً كبيرة، وهو في الغالب سينشغل في تصفية حسابات مع خصوم داخل بلده، بينما يستعين يلتزم بخطوط عريضة تمنع الانزلاق باتجاه مفاجآت عالمية، ويبقى خلاص المسلمين من ضعفهم بامتثال أمر الله بالأخذ بالمستطاع من الأسباب والتوكل على الله في السراء والضراء.
بعد 400 يوم من القتل والقتال الدامي في غزة، لا تزال حركة حماس صامدةً في غزة، وبعد قتل قائدها في الداخل “السنوار” لم يظهر عليها أثرٌ سلبيٌ لذلك، بل ما زالت تحاول فرض شروطها على العدو لإجباره على الانسحاب إلى مواقعه قبل الاجتياح، ويحاول العدو التصعيد ميدانياً وسياسياً، وقد ظهر ذلك في تصريح لقيادة قطر أنها انسحبت من دور الوساطة في التفاوض بين حماس و”إسرائيل”، وهناك إشاعات أن قطر، ستطلب من قادة حماس مغادرتها بناء على ضغوط أمريكية، وهذا واردٌ إذ أن السماح ببقائهم رغبةٌ أمريكيةٌ لاستمرار خيط التواصل والتفاوض، وإذا استحال التأثير على حماس بذلك سيلجأون إلى مثل هذا الضغط، بالإضافة إلى الضغط الميداني، نسأل الله أن ينصر إخواننا المجاهدين في غزة نصراً مؤزراً، وأن يجعل كيد الكافرين في نحورهم، اللهم آمين.