أمريكا رفعت اسم “الحزب الإسلامي التركستاني”، “الجهادي” من قوائم الإرهاب من دون أن “يعتدل” التركستان!

عقدة التصنيف
قوائم الإرهاب

أمريكا رفعت اسم “الحزب الإسلامي التركستاني”، “الجهادي” من قوائم الإرهاب من دون أن “يعتدل” التركستان! وذلك خدمة لصراعها مع الصين. فهذه القوائم لا تتعلق بطبيعة الجماعة المصنَّفة فقط، بل بمصالح الدول المصنِّفة أيضا ..
في المقابل هناك جماعات قدمت تنازلات كثيرة جدا وما زالت “تعتدل” و “تعتدل” هربا من التصنيف؛ وتسمي تنازلانها الغبية تلك “سياسة شرعية”!!

“لم تدخل الغالبية العظمى من “الجماعات الإسلامية” -حتى “الجهادية” منها- في صراعات مع النظام الدولي ولا مع الدول الضامنة له. إن الغالبية العظمى من هذه الجماعات تحاول ليس فقط تحييد الأطراف الضامنة للنظام الدولي، بل مازالت تحاول حتى بناء علاقات مع بعض هذه الأطراف، مقدمة في سبيل تحقيق ذلك تنازلات كثيرة جدا.
لكن، ظلت نظرة الغرب وظلت طبيعة صراع الغرب مع هذه الجماعات هي هي .. صراع تدميري؛ لأن العوامل المؤدية للصراع والمحددة لنمطه، هي غير ما تتصوره الجماعات، ولا يمكن تغييرها بتنازلات فضلا عن تصريحات أو لقاءات…

كما أن تأخير هذه الأطراف الدولية لاستئصال بعض الجماعات لا يرجع إلى سياسات هذه الجماعات ولا إلى دعوات التحييد التي تطلقها، أو إلى غيرها من الأوهام التي تتصورها هذه الجماعات؛ وإنما يرجع إلى أهداف خاصة بهم ومراحل تقتضيها استراتيجياتهم في إدارة الصراع، وعندما تحين مراحل الاستئصال لن يكون التعامل مختلف عن التعامل مع فصائل الجنوب السوري بكل أطيافها، ولا عن التعامل مع إخوان مصر أو غيرهم من الجماعات.”
من مقالة: [العلاقة مع المجتمع الدولي .. إمكانية التعايش أم حتمية الصراع؟]

هذه المقالة [صراع الحضارات.. ما الدور الذي ستلعبه أميركا لمواجهة النفوذ الصيني؟] كنت قد كتبتها تلبية لطلب بعض الإخوة من التركستان. مما قلت في نهايتها ناصحا لهم:
“ستحاول بعض الدول في الطرف الآخر استثمار قضية المسلمين الإيغور ضد الصين؛ خاصة مع الأهمية الجغرافية التي تحتلها تركستان الشرقية؛ حيث تعتبر بوابة الصين إلى أوراسيا.

لكن في ظل السياسة الأمريكية القائمة على إفراغ الساحة أمام الصين، وعدم تبديد مشاعر الخوف لدى الآخرين من الصين، فعلى ما يبدو، أن مصير المسلمين الإيغور -إذا ما دخلوا في صراع مفتوح مع الصين- لن يكون مختلفا كثيرا عن مصير المسلمين الروهينغا في بورما، على الأقل في المرحلة الأولى من مراحل الصراع”.

 

https://www.aljazeera.net/blogs/2019/1/24/%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D8%B3%D8%AA%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%87

 

صراع الحضارات.. ما الدور الذي ستلعبه أميركا لمواجهة النفوذ الصيني؟

قبل أكثر من عقدين من الزمن كان قد طرح صموئيل هانتنجتون احتمالية أن لا تتصدى الولايات المتحدة للصين بشكل مباشر وإنما تعلب دورا ثانويا، إذا وُجِد من يلعب الدور الأساسي؛ قال في كتابه “صدام الحضارات”: “نظريًا، قد تحاول الولايات المتحدة أن تحتوي الصين بأن تلعب دور توازن ثانويًا، إذا لعبت دولة أخرى دور الموازن الرئيسي”.

ثم جاء بعد أكثر من خمس عشرة سنة مستشار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر للأمن القومي زبيغينو بريجنسكي لينظر لما هو أبعد من ذلك. ذهب إلى أن حالة شرق وجنوب آسيا اليوم أشبه ما تكون بواقع أوروبا قبل الحربين العالميتين، وتوقع أن يكون المآل هو نفسه: “حرب مدمرة تشبه الحربين العالميتين”. ثم ينصح الولايات المتحدة عندما تحصل هذه الحرب بقوله: “على الولايات المتحدة أن تسترشد بالمبدأ العام المتمثل بأن أي تورط عسكري أمريكي مباشر في صراعات بين قوى آسيوية متنافسة يجب تجنبه”.

في كتابه هذا “رؤية استراتيجية” الذي وضع فيه رؤيته للمحافظة على هيمنة أمريكا على العالم، ينصح بريجنسكي الولايات المتحدة أن تتوقف عن لعب دور شرطي العالم مؤقتًا، وأن تتيح الفرصة للقوى الآسيوية كي تتصارع بينها، وتستنزف مقدراتها.

الانسحاب الأمريكي من أفغانستان
بعد أن انتقد بريجنسكي التورط الأمريكي في أفغانستان، وصفه بأنه مفيد للقوى الآسيوية التي ستتصارع أو متصارعة من عدة وجوه؛ يقول: “إلا أن كبار استراتيجيي هذه القوى (الصين – روسيا – الهند) يبقون في الوقت نفسه منتبهين، من دون أدنى شك، إلى أن تورط أمريكا المستمر في المنطقة دائبٌ على إضعاف مكانتها العالمية حتى وهي عاكفة على تبديد أخطار محتملة مهددة لأمن بلدانهم”.

إلى ذات النظرة ذهب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية سابقاً هنري كيسنجر في كتابه “النظام العالمي”؛ حيث يقول: “من شأن كل جيران أفغانستان أن يخاطر بحصول فوضى داخل حدوده إذا ما عادت أفغانستان إلى وضع ما قبل الحرب”.

صعود الصين
ما إن تفكك الاتحاد السوفيتي حتى بدأت الأنظار تتجه مباشرة إلى الصين كمنافس جديد أو كمقوض لهيمنة أمريكا على العالم. ففي منتصف العقد الأخير من القرن الماضي ناقش صموئيل هانتغتون الخطورة المترتبة على هيمنة أمريكية على العالم جراء صعود الصين؛ يقول: “إذا استمر النمو الاقتصادي الصيني فإن ذلك سيكون القضية الأمنية الوحيدة والأشد خطرا، التي يواجهها صانعوا السياسة الامريكية في أوائل القرن الحادي والعشرين”. ثم بعد ذلك أصبح هذا الكلام -خطورة صعود الصين- شاغلا لصناع القرار، والإعلام، والمخططين الاستراتيجيين، وغيرهم.

نما الاقتصاد الصيني خلال العقود الأربعة الأخيرة بشكل متسارع؛ تضاعف الاقتصادي الصيني أكثر من 42 مرة خلال هذه الفترة، رافق هذا النمو عملية تحديث للصين بوتيرة سريعة؛ شملت عمليات التحديث: الجيش وقطاعات الصناعة والزراعة والبنى التحتية … نتج عن هذا النمو والتطور تمدد جيواقتصادي في البلدان المجاورة، وانفتاح تجاري هائل على العالم. احتاجت الصين على إثر ذلك لمشروع يتيح لها تصدير منتجاتها بطرق أسهل وأوفر – “طريق الحرير”.

طريق الحرير
أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 مبادرة “حزام واحد وطريق واحد” وهي سلسلة من الطرق البرية والبحرية تربط الصين بآسيا وأوروبا وأفريقيا؛ أنفقت الصين على المشروع 300 مليار دولار، وستنفق خلال العشر سنوات القادمة تريليون دولار. استثمرت فيها في إعادة تأهيل البنى التحتية في عدد من الدول التي يمر عبرها الطريق، استطاعت من خلال هذا الاستثمار -وأحيانا عن طريق الديون- الاستحواذ على استثمار عدد من الموانئ في عدد من الدول؛ جاء الرد الهندي -الياباني على ذلك بما يشبه حرب طرق وحرب موانئ.

حرب الطرق
ردا على المشروع الصيني “طريق الحرير” أعلنت كل من الهند واليابان عام 2016 عن مشروع “ممر النمو الآسيوي الأفريقي” للربط البحري بين القارة الإفريقية والهند وغيرها من البلدان في الجنوب الآسيوي وجنوب شرق آسيا، وللحد من النفوذ المتزايد للصين في القارة السمراء. استثمرت اليابان 40 مليار دولار في المشروع وتستعد لتوفير 200 مليار أخرى. كما استثمرت الهند هي الأخرى 20 مليار دولار، وتستعد لتوفير المزيد.

كانت الهند قد خسرت الجولة الأولى في حرب النفوذ بينها والصين في ميانمار؛ حققت الأخيرة نفوذا جيوسياسيا وعسكريا مهما في البلد إضافة إلى النفوذ الاقتصادي. وفر استثمار ميناء كياوك فرو على خليج البنغال في أراكان للصين تواجدا استراتيجيا مهما في المياه العميقة للمحيط الهندي.

حرب الموانئ

ما أن ضمنت الصين موطئ قدم لها في خليج البنغال على المحيط الهندي حتى بدأت توسع نفوذها في مناطق أخرى. وقعت في عام 2015 مع الباكستان عقد استثمار ميناء جوادر جنوب غرب باكستان؛ ما يضمن وجودا لها على بحر العرب لمدة 43 سنة. ثم مددت الصين نفوذها إلى سريلانكا؛ حيث وقعت معها في منتصف 2017 اتفاقية تطوير ميناء “هامبانتونا” جنوبي سريلانكا مستحوذة على 70 بالمئة من أسهم الميناء. يعلق على ذلك الدبلوماسي الهندي جي بارثاسارثي في حديث “للعربي الجديد” بقوله:”هي إستراتيجية تنتهجها بكين لبناء تحالفات عسكرية وقواعد بحرية من جيبوتي مرورا بباكستان وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار لتطويق الهند وتوحيد أعدائها”.

في مقابل هذا التوسع والنفوذ الصيني المتنامي لم تقف الهند موقف المتفرج، بل راحت هي الأخرى توسع تحالفاتها ونفوذها، بل وتطور تسليحها. اضافة لتحالفها مع اليابان وإطلاق مشروع “ممر التنمية”. عملت كذلك على الحد من نفوذ الصين في سيريلانكا، كما أنها عملت على تسوية نزاعاتها الحدودية مع بنغلاديش، وطورت علاقاتها الاقتصادية والسياسية معها. كما وقعت مذكرة تفاهم مع إيران تقضي بتطوير ميناء “تشابهار” على خليج عمان بحيث يصبح منافسا استراتيجيا لميناء “جوادر” الباكستاني.

تحالف هندي – روسي
في ظل حالة الحرب شبه المشتعلة بين الهند والصين ينصح بريجنسكي الولايات المتحدة بعدم التدخل فيها؛ لأن دخولها سيطمئن روسيا، قال: “من شأن أي تحالف أمريكي – هندي أن يشكل خدمة مجانية لروسيا … سيقلص مخاوف روسيا من الصين”. بل يذهب إلى أنه في ظل الفراغ الناشئ عن غياب الدور الأمريكي وتوسيع بكين نفوذها سيشعر كل جيرانها بالتهديد، وسيجبر كل من روسيا والهند وربما حتى اليابان على اجتراح تحالف لمواجهة الصين؛ يقول: “ففي حال نشوب حرب ذات شأن حقا (لا مجرد مناوشة حدودية) بين الهند والصين، مثلا، ستبادر روسيا، على نحو شبه مؤكد، إلى مساعدة الهند بطريقة أو بأخرى”.

في ذات الوقت يذهب بعض المفكرين الروس أيضا إلى ضرورة أن تلتزم موسكو الحياد في حال حدوث تصادم أمريكي – صيني. في مقالته “الولايات المتحدة لبوتين: نغفر لكم القرم إذا وقفتم معنا ضد الصين”، يقول سفيتلانا غومزيكوفا:”مع اشتداد المواجهة بين الولايات المتحدة والصين، ستكافح كل من الصين والولايات المتحدة لعقد تحالف استراتيجي مع روسيا. أي أن قيمتنا تكمن في الحفاظ على الحياد الاستراتيجي”.

تطورت العلاقات بين روسيا والهند في السنوات الأخيرة على عدة مستويات تطورا ملحوظا؛ حتى غدت روسيا أول مزود سلاح للهند. يرى الكثير من الصينيين في هذه العلاقات وفي تزويد روسيا للهند بالسلاح على أنه موجه ضدهم؛ في حوار تلفزيوني مع قناة فونيكس الألمانية قال الصحفي الصيني شي مينغ:”روسيا تدعم فيتنام والهند ضد الصين”.

دور المسلمين في الصراع
ستحاول الصين أن تستغل علاقاتها مع باكستان، وحالة العداء الباكستانية – الهندية لصالحها، وربما أيضا حتى حالة عداء طالبان للهند ضدها. كذلك في المقابل ستحاول بعض الدول في الطرف الآخر استثمار قضية المسلمين الإيغور ضد الصين؛ خاصة مع الأهمية الجغرافية التي تحتلها تركستان الشرقية؛ حيث تعتبر بوابة الصين إلى أوراسيا.

لكن في ظل السياسة الأمريكية القائمة على إفراغ الساحة أمام الصين، وعدم تبديد مشاعر الخوف لدى الآخرين من الصين، فعلى ما يبدو، أن مصير المسلمين الإيغور -إذا ما دخلوا في صراع مفتوح مع الصين- لن يكون مختلفا كثيرا عن مصير المسلمين الروهينغا في بورما، على الأقل في المرحلة الأولى من مراحل الصراع.

ختاما، كانت استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية خلال الحربين العالميتين عدم المشاركة في البداية، إنما كان تأتي مشاركتها متأخرة. دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى في أبريل/نيسان عام 1917؛ أي بعد سنتين ونصف السنة من بداية الحرب. كما تأخرت مشاركتها في الحرب العالمية الثانية حتى نهاية عام 1941. حفظ هذا التأخر في دخول الحروب العالمية عليها -الولايات المتحدة- قوتها ومواردها من الاستنزاف الذي تعرضت له باقي الدول المشاركة. خرجت كل الأطراف من الحرب العالمية الثانية منهكة باستثناء الولايات المتحدة؛ مما هيأها لقطف الثمرة بشكل شبه منفرد.

Exit mobile version