كلمة التحرير
لا تزال المعارك دائرة على ثرى الأرض المقدسة بين فئة مؤمنة قليلة صابرة وجحافل الكفر التي يجمعها بغض الإسلام وعداوة أهله.
وقد برز من صور البطولة والثبات من الفئة المؤمنة ما أذكرنا ببطولات الرعيل الأول الذين رباهم المصطفى عليه الصلاة والسلام، فهؤلاء الفتية الذين يضربون دبابات العدو من مسافة قريبة جدا تصل في أحيان كثيرة إلى صفر يتأسون بمحمد بن مسلمة وسريته الذين قتلوا كعب بن الأشرف اليهودي في عقر داره، ويرتسمون خطا عبد الله بن عتيك الذي أغمد سيفه في بطن أبي رافع اليهودي وهو في داخل حصن اليهود وفي جوف عُلّيّته.
والاستشهاديون الثلاثة الذين اقتحموا مستشفى الرنتيسي لينفذوا فيه يقتفون آثار البراء بن مالك الذي حمله المسلمون على تروسهم حتى ألقوه في حديقة الموت التي تحصن فيها المرتدون فظل يقاتل هناك حتى فتح باب حديقة للمسلمين.
وعمليات الطعن التي يقوم بها الفتية الذين لا يزال عودهم طريا وغصنهم غضا هي تأسٍ بمعاذ ومعوذ الذين أقسما ألا يفارق سوادهما سواد أبا جهل حتى يموت الأعجل منهما ووفيا لله بقسمهما.
والإعلاميون الذين يوثقون بطولات المجاهدين وجرائم العدو هم على ثغر حسان الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام: اهجهم وروح القدس معك وأخبر أن هجاءه أشد على المشركين من وقع النبل.
والأطباء والممرضون الذين يقومون بإسعاف الجرحى ومداواتهم معرضين أنفسهم لخطر القصف اليهودي مؤثرين الجرحى بالسلامة على أنفسهم هم كـعكرمة والحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة الذين جرحوا في المعركة فأتاهم آت بالماء فجعل كل واحد منهم يؤثر أخاه على نفسه حتى استشهدوا ولم يذوقوا من الماء قطرة.
والشعب الغزي الصابر على ما ينزل به من القصف والتدمير والحصار وكل ألوان الوحشية والهمجية هو متبع في هذا للأنصار الذين قبلوا أن تعضهم السيوف وأن يقتل خيارهم وترميهم العرب عن قوس واحدة لأنهم آوو سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
والنسوة الصابرات اللائي يستقبلهن نبأ استشهاد أبنائهن بحمد الله ثم يتبعن ذلك بالزغاريد هن مقتديات بالخنساء التي قالت وقد استشهد أبناؤها الأربعة: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وأرجو أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
ألا فليخسأ اليهود وأتباعهم وأذيالهم وأنصارهم فهذه الأمة ملئا بالخير والمجاهدون الذين يقاتلونهم هم أحفاد الصحابة وسيُجري الله على أيديهم بإذنه تعالى ما أجراه على أيدي أسلافهم من قهر اليهود وقتلهم وإجلائهم {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا} [سورة الإسراء:51]