الأستاذة: نسمة القطان
طَلبت منها لجنة مسابقة الجائزة القرآنيّة الكبرى أن تكشف وجهها فانسحبت من المسابقة رغم ترشحها للمركز الأول في هذه المسابقة، انسحبت من المسابقة تاركة وراءها جائزة تقدر بثلاثين مليون روبية؛ ومن ترك شيئا لا يتركه إلا لله أعطاه الله خيرا منه؛ فنصرتها الأمة المحمدية المباركة وتفاعلت مع قضيتها وسائل التواصل حتى اعتذرت لها اللجنة المنظمة وكرّمتها قناة وصال الإندونيسية وأهدتها مائة مليون روبية وأعلنت عن مسابقة في حفظ القرآن الكريم تحمل اسمها.
إنها الأخت ميسرة الإندونيسية؛ الطالبة في قسم الشريعة جامعة الإمام بمدينة الميدان عاصمة مقاطعة سومطرة الشمالية في إندونيسيا “Kota Besar Medan”.
لقد انتصر حجاب الطهر والعفاف على سفور الفسق والفجور، انتصر حجاب فاطمة وعائشة وأسماء وزينب على تبرج درية شفيق وسيزا نبراوي وسهير القلماوي وأمينة السعيد ونوال السعداوي، انتصر الحجاب الشرعي وليس حجاب عارضة الأزياء حليمة عدن ولا حجاب الملاكمة أمية ظافر ولا حجاب المبارِزة ابتهاج محمد، انتصر الحجاب في معركة استعرت بين معسكر الإيمان ومعسكر الكفر والنفاق منذ أكثر من قرنين من الزمان.
يقول محمد طلعت حرب في رده على قاسم أمين: “إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوربة بالعالم الإسلامي،…. إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في المشرق لا في مصر وحدها إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل بل الفساد الذي عم الرجال في المشرق”. [تربية المرأة والحجاب].
ولقد حملت فرنسا لواء معركة السفور وتحملت كِبر الحرب على الحجاب ففي باريس عاش خمس سنوات رفاعة الطهطاوي صاحب كتابي: “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” و “المرشد الأمين” وفيها نشأ الصليبي الحاقد مرقص فهمي المحامي صاحب كتاب “المرأة في الشرق” ومنها استقت مبادئها الأميرة نازلي فاضل، صديقة اللورد كرومر، التي فتحت ناديها لسعد زغلول وقاسم أمين وغيرهما؛ وعلى ثراها تعلمت نور الهدى محمد سلطان الشهيرة بهدى شعراوي، ومن فرنسا بدأ قاسم أمين صاحب كتابي: “تحرير المرأة” و “المرأة الجديدة”، وعلى أدبها تربى معروف الرصافي ونزار القباني…
وفي سوريا الحبيبة حاربت فرنسا الحجاب ومزق أنصار حزب البعث الحجاب في دمشق، وصدرت القرارات بمنع المحجبات من دخول المدارس، ورغم كل هذه السهام انتصر الحجاب.
ولو كان رمحًا واحدًا لاتَّقيتهُ *** ولكنه رمحٌ وثانٍ وثالثُ.
فبعد مرور قرنين من الهجوم الشرس لا زال الحجاب ينتصر في كل معركة، وفي كل يوم يزداد تمسك المسلمات بحجابهن ولا زال الحجاب ينتشر في ربوع سوريا وفي غيرها من بلدان العالم الإسلامي.
بل إن الحجاب انتشر بشكل ملحوظ جدا في فرنسا في الفترة الأخيرة فلا تكاد تدخل مدينة إلا وترى المسلمات المحجبات.
أنا لستُ وحدي فِي قـرار تحجّبِي *** خلفـي كثيـرٌ يقتفيـنَ مَتـابي.
فمعي النساءُ السائراتُ على الْهدى *** ومعي الْحياءُ وفطـرتي وكتـابي.
سـأظلُّ أرقى للسمـاوات العُـلا *** وأظلُّ أحيـا في هـدى المحرابِ.
يقول الدكتور محمد إسماعيل المقدم: “ليس الحجاب مجرد غطاء لبدن المرأة، إن الحجاب هو عنوان تلك المجموعة الدقيقة من الأحكام الاجتماعية المتعلقة بوضع المرأة في النظام الإسلامي، والتي شرعها الله سبحانه وتعالى لتكون “الحصن الحصين” الذي يحمي المرأة، و “السياج الواقي” الذي يعصم المجتمع من الافتتان بها، و”الإطار المنضبط” الذي تؤدي المرأة من خلاله دورها العظيم الذي وكلها الله به، واصطفاها له من أجل تحصيل سعادتي الدنيا والآخرة لها ولأمتها كافة،….
وإن هؤلاء هن “خريجات مدرسة الحجاب” قبل أن تعرف الدنيا مدرسة، وقبل أن يطرق سمعها “حقوقُ المرأة وتكريمها”، وإنما كان ذلك الوثوب إلى المجد، وكانت تلك النهضة إلى علياء السمو، يوم أدرك المسلمون الأوائل عِظم مكانة المرأة، وخطورة دورها:
فأدوا إليها حق التربية والتهذيب “من وراء حجاب”.
واحفظوا لها حق التعليم النافع “في إطار الحجاب” “. [عودة الحجاب].
فإياكن أخواتي الفاضلات من دعوة إبليس العالمية {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف:27] نعم والله إنها دعوة اللعين؛ يدعو إلى التبرج والتكشف، فهو زعيم حركات ما يسمى تحرير المرأة، {وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلَاً عَظِيمَاً} [النساء:27].
لمتابعة بقية مقالات مجلة بلاغ العدد التاسع عشر جمادى الاولى 1442 للهجرة _ كانون الثاني 2021 للميلاد اضغط هنا
لتحميل نسخة من مجلة بلاغ العدد التاسع عشر اضغط هنا