قال الأصمعي: “كانت العرب تسمي الشتاء: الفاضح“، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية: “إن الشتاء قد حضر وهو عدو، فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعاراً ودثاراً، فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه“.
جاءنا الشتاء وقد انتشر فينا فيروس كورونا فنحن بين مودِع ومودَع.
جاءنا الشتاء وأكثرنا فقراء في المخيمات بين مُهجر ونازح ومُعاق وأرملة ويتيم.
جاءنا الشتاء ببرده القارص وأكثرنا لا يملك قوت يومه فكيف سيحصل على ما يدفئ به أطفاله؟!
جاء الشتاء وليس عندي درهم ولقد يُخص بمثل ذاك المسلم.
قد قطع الناس الجباب وغيرها وكأنني بفناء مكة محرم.
فليواسي بعضنا بعضا وليرحم بعضنا بعضا، قال ابن قتيبة: “لا حُصِّنت النعم بمثل المواساة”.
((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)) (مَثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (مَن كان معه فضل ظَهْرٍ فلْيَعُدْ به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زادٍ فلْيَعُدْ به على من لا زاد له) (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقتسموه بينهم في إناءٍ واحدٍ بالسوية؛ فهم مني وأنا منهم).
اقضِ الحوائجِ ما استطعـتَ وكن لِهَمِّ أخيك فارِجْ.
فلَخيرُ أيام الفتى يومٌ قضى فيه الحوائِجْ.
إذا جاع فقيرنا أطعمه غنينا وإذا مرض كبيرنا عاده صغيرنا وإذا ظُلم ضعيفنا نصره قوينا، ومن عجز عن المواساة بالمال فلا يبخل بالمواساة باللسان والفعال؛ فليمسح على رأس يتيم ويزر المرضى ويتبع الجنائز ويعز المصاب، (أن تدخل على أخيك المسلم سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا).
ولنعلم جميعا أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، وأن الله جل وعلا يحب أن يرانا مبتهلين متضرعين له لائذين بجنابه مكسورين بين يديه ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ))، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “إن صبرت جَرَت عليك المقادير وأنت مأجور، وإن جزعت جَرَت عليك المقادير وأنت مأزور”، ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)).