عظم الاسلام مكانة العلماء، ورفع قدرهم وأجل شأنهم، وفضلهم على سائر الناس: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11].
ومن تكريم الإسلام لهم أن الله استشهدهم على أجلّ الأمور وأعظمها وهو توحيد الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران:18].
قال ابن القيم: “وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه؛ أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر، والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته، والثالث: اقترانها بشهادة الملائكة، والرابع: أن في ضمن هذا تزكيتهم وتعديلهم فإن الله لا يشهد من خلقه إلا العدول”
وقد حذر الاسلام من إيذاء العالم والإساءة إليه ففي الحديث: «ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ» رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وجعل تعظيم العالم من إجلال الله تعالى ففي الحديث: «وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرامِ ذي السُّلطانِ المُقسِطِ» أبو داود وصححه الألباني.
ولا يزال الربانيون يحذرون من الإساءة لأهل العلم والوقيعة فيهم لما في ذلك الخطر الجسيم والمنقلب الوخيم قال ابن عساكر: “لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة”، وقال أيضًا: “كل من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله عز وجل قبل موته بموت القلب”.
على أن سنة الله قد جرت بأن العالم لا بد أن يبتلى ويؤذى ولا بد للسفهاء الأقزام أن يحاولوا النيل من العلماء الأعلام وسنة الله جرت أيضًا: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:17].
وأما من ينتقص علمائنا الأجلاء فهو كناطح صخرةٍ يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
ونقول له: يا ناطح الجبل العالي ليوهنه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
ونقول لعلمائنا الأفاضل: ما يضر البحر أمسى زاخرا *** إن رمى فيه غلام بحجر
ونقول لهم أيضا: لو رجم النجم جميع الورى *** لم يصل الرجم إلى النجم