كتاب النسوية الإسلامية بين الانسلاخ والتلفيق للدكتور سامي عامري – مجلة بلاغ العدد ٦٧ – جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ⁩

من مشاركات القراء

اعتاد أهل الباطل على زخرفة باطلهم ليلقى رواجاً بين المسلمين فإن كان غريًا عن التزويق والتجمل محته النفوس ورفضته القلوب، ومن النحل الباطلة التي يراد ترويجها بين المسلمين وخاصةً النساء نحلة النسوية وهي في غاية المنافاة للشريعة والمصادمة للقرآن والسنة، ولذا ظهر ما يعرف بالنسوية الإسلامية ليسهل تقبل الأفكار الشاذة التي تحويها هذه النحلة، والكتاب الذي نعرض شيئًا عنه في هذا المقال مخصصٌ لتجلية زيف هذا الانتساب وبيان كذب هذا الادعاء وقد بين الكاتب أن النسوية الإسلامية تعمد إلى خلط الحق بالباطل للتلبيس على الناس فهي تزعم الإيمان بالقرآن وتستشهد بآياته ما لم تخالف الأفكار النسوية فإن خالفت لجأت إلى أمرٍ ثانٍ وهو تطويع تلك الآيات للمفاهيم النسوية المنحرفة ولا حرج عندها أن تخالف القرآن والسنة والاجماع واللغة فالأصل عندها هي الأفكار النسوية والآيات القرآنية تؤول بتعسف لتوافقها {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:23].

ولا حرج عندهم برد النص بكل صفاقةٍ ووقاحةٍ إذا تعذر تأويله وفق الأفكار النسوية وكمثالٍ على ذلك ما قالته النسوية آمنة ودود في قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] في شأن النساء الناشزات قالت: “ويقودني ذلك إلى توضيح السبيل الذي انتهى بي إلى الرفض الواضح والصريح للتطبيق الحرفي لهذه الفقرة ولهذا الرفض أيضًا تبعاتٌ فيما يتعلق بتطبيق إقامة الحدود، إن الآية والتطبيق الحرفي للحدود ينمان كليهما عن معايير أخلاقية لسلوكيات بشرية قد أضحت في عصرنا الحالي سلوكياتٍ همجيةً عفا عليها الزمن”.

فمشكلة النسوية الكبرى هي جعلها أفكارها حاكمةً على نصوص الشريعة وفي ذلك يقول الدكتور سامي عامري: “أصل انحراف النسوية الإسلامية التحول من مركزية الكلمة (كلمة الله) إلى مركزية الأنثى في قراءة الشريعة.. ولذلك لا يوجد نسويةٌ إسلاميةٌ وإن ادعى بعضهن ذلك”.

يقول د. سامي: “ولذلك لا يستقيم القول بشرعية وجود تيارٍ نسويٍ، لأن النسوية الإسلامية ليست تياراً يدعو إلى المحافظة على الحقوق الشرعية للمرأة وإنما هو تيارٌ يدعو إلى تغريب المرأة المسلمة بصناعة منظومة حقوقٍ ضمن رؤية ليبرالية رأسمالية فردانية كتلك التي تحكم الغرب مع استثناءاتٍ قليلةٍ لا تكاد تتجاوز رفض الشذوذ والجنس والإباحية الفاحشة عند فريقٍ من هذا التيار”.

ثم يقسم الدكتور النسوية الإسلامية إلى قسمين:

*القسم الأول: الانسلاخية وهي التي انسلخت من الدين تماماً يقول: “ولا يتحرج هذا التيار من إنكار المعلوم من الدين بالضرورة تحت غطاءين أولهما حق الاجتهاد المفتوح وثانيهما واجب كشف اختطاف الدين من الفقه الذكوري” وهذا التيار يمثل القطاع الأكبر من عموم ما يسمى بالنسوية الاسلامية ويبين أسباب بروز هذا التيار فيقول: “كما ساهم في بروز هذا التيار أمران آخران منحاه حضورًا لافتًا في بلاد المسلمين وخارجها أولهما أن العدد الأكبر من قادته يدرسن في الجامعات مما يسر لهن إنشاء جمعيات وإقامة دورات وإصدار مجلات، والأمر الثاني تعاونهن مع التغريب والسفارات والمنظمات الدولية مما أتاح لهن الحصول على التمويل والدعم. والحماية القانونية داخل بلاد المسلمين كما أنهن كن بذلك اليد الضاغطة لتغيير قوانين الأسرة وقوانين الطفل” وقد بلغ الحد بهذا التيار إلى استحلال الشذوذ الجنسي ومحاربة الحجاب وتغيير أنصبة المواريث.

وقد سمى د. سامي هذا القسم بالفروادية لأنها تتخذ انتسابها إلى الإسلام ذريعةً إلى هدمه من الداخل ويعقب على ذلك قائلاً: “النسوية الطروادية مشروعٌ لهدم الدين ونقض أصل الإيمان بمنطق التجديد التقويضي”.

*القسم الثاني: التلفيقية ويعرفها قائلًا: “هي تيارٌ قائمٌ على أصولٍ انسلاخيةٍ من خلال واجهةٍ شرعيةٍ ويغلب على طرحه غموض الخطاب وضبابية المنهج والتدليس في تناول القطعيات الشرعية والذي يمنع وصم هذا التيار بأنه انسلاخيٌ صرف تحاشيه العملي إنكار بعض المسائل الداخلية في جنس المعلوم من الدين بالضرورة أنكرها الانسلاخيات وعلى رأسها استحلال الشذوذ الجنسي”.

ويعقب على هذا القسم قائلاً: “النسوية الإسلامية إنتاج الثقافة الغالبة والعولمة وليست فكرةً تجديديةً ضمن الإطار الإسلامي الصرف”.

ومجمل القول نشأن النسوية الإسلامية قائلًا: “النسوية الإسلامية غير إسلامية إنما هي تيارٌ هدميٌّ يتنكر للتراث الفقهي الثري والمحرر علميًا للوصول إلى حقوقٍ غير شرعيةٍ وتغيير بنية الأسرة متابعةً للرؤى الحقوقية والقيمية الغربية”.

ويختم الكتاب بخلاصة تضمنت أهم ما في الكتاب من أفكار وهي على وجازتها غنية جداً حتى يصدق عليها أنها اختصارٌ متقنٌ للكتاب.

وختامًا؛ فكتاب النسوية الاسلامية بين الانسلاخ والتلفيق كتابٌ مهمٌ حريٌ بطالب العلم والمثقف المسلم قراءته ليكون له سلاحاً في التصدي للأفكار الشاذة والهدّامة التي تتستر بالانتساب إلى الدين وغايتهما هدمه وتقويض أركانه.

وحريٌّ بالخطباء وأئمة المساجد أن يقتبسوا منه ويطلعوا عليه ليوعوا المسلمين بالأخطار المحيطة بهم وليكشفوا لهم حقيقة النسوية التي ترتدي قناع حقوق المرأة لتخفي خلفها محاربة شريعة الله ورد السنة ونشر الانحلال والشذوذ والفسوق، وواجبٌ على كل مسلمٍ أن يحذر من استرعاه الله من النساء فإن الله يقول: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6] والحمد لله رب العالمين. 

Exit mobile version