الشيخ: أبو حمزة الكردي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد؛
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ» صحيح مسلم، «فَلْيُغَيِّرْهُ» والأمر ابتداءً لوجوب التغيير العملي الفعلي باليد وليس مجرد التنبيه له أو النهي عن فعله، ثم أخبر عند تعذر التغيير العملي أمر بالتغيير والنهي القولي، ثم إن ضعف المرء عن التغيير العملي أو القولي فلا أقل من الإنكار القلبي وهو أضعف الإيمان وأقله وكما جاء في بعض الروايات «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
«فَلْيُغَيِّرْهُ» أمرٌ نبويٌ سبقه أمرٌ ربانيٌّ في كثيرٍ من المواضع في القرآن الكريم.
«فَلْيُغَيِّرْهُ» التغيير يعني الإصلاح والتبديل ومنه النهي عن المنكرات بأشكالها وأنواعها صغيرةً أو كبيرة.
«فَلْيُغَيِّرْهُ» بابٌ من أبواب الجهاد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «جاهِدوا المشرِكينَ بأموالِكُم وأنفسِكُم وألسنتِكُم».
«فَلْيُغَيِّرْهُ» أمرٌ شرعيٌ إلهيٌ نبويٌّ موجهٌ للمسلمين، أذكر وأخص به إخواني المجاهدين رأس حربة الأمة فهم الأولى بكل فضيلةٍ وخيرٍ ونصحٍ ليكونوا على أتم السبق في الخيرات وقطف ثمار جهادهم وما خرجوا له.
كنا قد تكلمنا في المقالين السابقين عن المجاهدين المتخاذلين عن النصرة والبذل والمساعدة والمناصرة لا سيما الذين وصلوا ذروة سنام الإسلام فكانوا الأحق بالنصيحة والتوجيه وتسديد الرأي وتصحيح المسار دون سائر المسلمين.
فكيف يكون المجاهد مجاهدًا باذلًا روحه وماله ووقته وجهده في سبيل الله من المختارين المجتبين السباقين لهذه العبادة العظيمة {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} [الحج:78] وهو مقصرٌ في تغيير من حوله بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وأطرهم على الحق وهو مجاهد، والمجاهدون نخبة الأمة فلا يقبل منه تراجعٌ أو تهاونٌ وهو المقدم المميز بين سائر المسلمين.
فكان لا بد بعد النصيحة والتذكير بواجب المجاهدين بالقيام بواجب التغيير وهو النهي عن المنكر تجاه الأمة توجيههم ودفعهم باتجاه الأمام ليقوموا بواجبهم الحقيقي المنوط بهم في نصرة الإسلام والمسلمين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يد الظالم ونصرة المستضعفين امتثالًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «فَلْيُغَيِّرْهُ».
«فَلْيُغَيِّرْهُ» منهجٌ اتبعه النبي صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ فانطلقَ لحاجتِهِ فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ فأخَذنا فرخَيها فجاءت تعرِشُ فجاءَ النَّبيُّ فقالَ: «مَن فجعَ هذِهِ بولدِها؟ ردُّوا ولدَها إليها»، ورأى قريةَ نملٍ قد حرَّقناها، فقالَ: «مَن حرَّقَ هذِهِ؟» قُلنا: نحنُ قالَ: «إنَّهُ لا ينبَغي أن يعذِّبَ بالنَّارِ إلَّا ربُّ النَّارِ»،” فكان تغييره صلى الله عليه وسلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح الأخطاء والمصائب.
«فَلْيُغَيِّرْهُ» منهجٌ سار عليه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم فكانوا خير سلفٍ لخير خلفٍ؛ يقول ربعي بن عامر: “إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”.
«فَلْيُغَيِّرْهُ» هو المنهج الحقيقي الذي يحكي سيرة المجاهدين اليوم في شتى بقاع الأرض، كيف لا وهم الذين نفروا في سبيل الله لتغيير الحكم بالطاغوت إلى الحكم بما أنزل الله {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، وعدم تقديس الأشخاص والأحزاب والمسميات، يقول عبدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ حين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا أبو بكر الصديق فقال: “أمَّا بَعْدُ فمَن كانَ مِنكُم يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ” صحيح البخاري، ولتعظيم المسلم دون النظر إلى عرقه أو لونه أو شكله فقد ورد “أنَّ أبا ذَرٍّ وبلالًا تَغَاضَبَا وتَسَابَّا وفي ثورةِ الغضبِ قال أبو ذَرٍّ لبلالٍ: يا ابنَ السَّوْدَاءِ فشكاه بلالٌ إلى النبيِّ فقال النبيُّ لأبي ذَرٍّ: «أَعَيَّرْتَهُ بأُمِّهِ إنك امْرُؤٌ فيك جاهِلِيَّةٌ» صححه الألباني.
فليس الجهاد مجرد إعدادٍ وتجهيزٍ وتدريبٍ وقتالٍ ورباطٍ وهجومٍ ودفاعٍ وصدٍ وردٍ ولباس عسكري وحمل سلاح، وليس مجرد هيئةٍ بلحيةٍ تُطلق أو عباءةٍ تُلبس أو ملابس فضفاضة أو سواك يستاك به وعبارات يتم تبادلها في كل لقاء ومناسبة.
إنما الجهاد تغييرٌ من حالٍ إلى حال وعلمٌ وعملٌ ودعوةٌ وعبادةٌ وتوفير أمنٍ وأمانٍ ونصيحةٌ وتوفير المقدور في تحصيل الأمن المالي والغذائي والحياتي من الفقر والخوف والتشرد والحر والبرد والتعب وحفظ الحقوق من الضياع والسرقة أو التلف.
كثرت وتعدد الأوامر الإلهية من القرآن والسنة الحاثة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة وتناصح المسلمين والتعاهد على الخير والصلاح..
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ» صحيح مسلم، منكرٌ كبيرٌ أو صغيرٌ، منكرٌ واللفظ بالنكرة دون تعريف، منكرٌ في الدين أو الأخلاق أو التعاملات أو الآداب أو العادات مع الأهل أو الأقارب أو عموم المسلمين أو حتى مع الكفار، فما دام أنه منكرٌ لا بد من تغييره وإنكاره، والإنكار هنا واجبٌ لا محيص ولا مهرب عنه.
وجاء الحديث بالتعميم دون التخصيص بقوله «مِنكُم» كبيرًا أو صغيرًا عالمًا أو متعلمًا أو أميًا، مجاهدًا أو قاعدًا، فلفظ منكم عامٌ لسائر المسلمين، وقد قال العلماء بأن التغيير باليد لمن لديه العلم مع القدرة، أما اللسان لمن لديه العلم دون القدرة، والقلب لمن عُدم القدرة وخاف على نفسه البطش أو الأذى فيرى المنكر ولا يستطيع تغييره باليد أو الإخبار عنه باللسان فلا أقل من إنكاره بالقلب وهو أضعف الإيمان.
كل هؤلاء الأنواع قد يختلف أو يتفق المسلمون بهم بين العلم والقدرة والإنكار من عدمه لكن من غير المعقول أو المقبول أن يكون المرء مجاهدًا في سبيل الله خرج لتغيير المنكر الأكبر في عدم تحكيم الشريعة ألا يكون قادرًا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغييره أو الأمر بتغييره أو مناصرته والتحذير منه، وهذا أقل بمراحل من محاربة الطاغوت كنصرة مظلوم وإغاثة ملهوف وإعانة ضعيف وتفريج هم مسجون أو مكروب أو تلبية نداء حرةٍ تطلب حقها ممن ظلمها أو اعتدى عليها في أرض جهاد.
إن قعود المجاهد أو ضعفه أو انعدام قدرته على التغيير في النهي عن المنكرات معارضٌ لما خرج له ابتداءً، ويجعل جهاده بلا ثمرة، ويحوله من مجاهدٍ في سبيل الله إلى عاملٍ يؤدي وظيفةً مقابل مردودٍ ماديّ ينتفع به شخصيًا دون أن ينفع الأمة.
قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].
وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110] وترك التغيير بالنهي عن المنكر ابتعادٌ وخروجٌ عن الخيرية التي اختصنا بها الله عز وجل.
وقال تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران:114-113].
وقال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف:165] تغييرهم للواقع بنهيهم عن المنكرات كان سببًا في نجاتهم من العقاب والعذاب.
وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71]، والتغيير بالنهي عن المنكر صفةٌ لازمةٌ من صفات أهل الإيمان، ومن صفاتهم أيضًا قال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة:112].
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] وطائفة للتغيير والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90].
من أهم صفات وميزات من اصطفاهم المولى عز وجل للاستخلاف في الأرض والتمكين فيها هم الناهون عن المنكر فقال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:41]، فواجبٌ عليك الأخذ بالأحكام الشرعية وتطبيقها والالتزام بها، ولله عاقبة الأمر إن شاء مكّنك وأبقاك وإن شاء الله بدّل وغيّر.
النهي عن المنكر سببٌ لدفع العذاب والهلاك، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:117] قال: مصلحون ولم يقل: صالحون، فلا يكفي صلاحك دون إصلاح المجتمع لضمان سلامتك وسلامتهم من العذاب والأمراض والزلازل والأوبئة..
أخي المجاهد إليك نصائح مهمة أن أردت القيام بفريضة التغيير بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
1_ إخلاص النية لله عز وجل وتجديدها مع كل موقف؛ ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى قال: «أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ» صحيح مسلم.
2_ تقبل ردة فعل الناس بسبب كرههم للمصلحين؛ يقول الشيخ أحمد عيسى معصراوي: “بعض الناس يحبون الرجل صالحاً ويكرهونه مصلحاً فتجدهم يحبُون الصالحين ويعادون المُصلحين وذلك لأن المصلح يصطدم بصخرة أهوائهم ورغباتهم، لقد أحبَ أهل مكة محمداً صلى الله عليه وسلم قبل البعثة لأنه صالحاً؛ ولكن لما بعثه الله تعالى وصار مصلحًا عادوه! وقالوا ساحر كذاب مجنون”.
3_ الصبر على الأذى في سبيل الدعوة والتصدي للمنكرات؛ وقد كان من وصايا لقمان لابنه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان:17]، والنهي عن المنكر سببٌ للتعرض لأذى الظالمين والمجرمين والفاسدين من قتلٍ أو سجنٍ أو ملاحقةٍ أو تضييقٍ أو منع نشر علمٍ وإيقاف دعوةٍ ومحاربةٍ وتشويه سمعةٍ أمام الناس، وسبب لكره الناس لمعارضة شهوتهم وهواهم، وقد تتعرض للسب أو الشتم أو الغيبة على لسان العوام أو تسلط السفهاء في الشوارع والطرقات.
4_ عدم الالتفات للمخذّلين والمثبّطين؛ فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بتبليغ الرسالة دون انتظار نتيجة {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى:48]، فانصح ولا تفضح وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ثم امض ولا تلتفت.
5_ لا يقف عملك على كثرة أو قلة فالهداية من الله؛ قال تعالى لنبيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103].
6_ لا بد من صاحبٍ خليلٍ يعينك على صعوبة الطريق؛ قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] يتواصون فيما بينهم بالحق والخير والطاعات والقربات والبعد عن المعاصي والمنكرات والصبر على الشهوات والهوى وأذى الناس والحكام والظالمين، يقول السعدي رحمه الله: “والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه، والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة”.
7_ الحذر من مجالسة العصاة دون نصحهم ونهيهم عن منكرهم؛ وكان مما أهلك بني إسرائيل وأصابهم اللعن والطرد من رحمة الله تركهم لإنكار المنكرات والأخذ على يد الظالم حتى ألفوه ثم جالسوه ثم شاركوه ظلمه وإجرامه، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.
اللهم اجعلنا مجاهدين صادقين حقًا آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر وقافين عند كتابك مقتدين بسنة نبيك، إنك ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.