فن التفاوض

“فن التفاوض”
إبداء المرونة في التفاوض مع العدو من السياسة وهو على غير التنازل والرضوخ. وتكون تلك المرونة خاضعة لحدود وخطوط كما أن القوة وحجمها لها اعتباراتها وهي اعتبارات مناقضة للمفهوم المعاصر. بمعنى الضعيف لا يبدي مرونة إنما يُشعر عدوه بإقدامه على المخاطر ولا مبالاته بالنتائج. وقدمنا فيما سبق مثالًا يوم التفاوض مع غطفان.، بينما القوي إن أبدى مرونة فهي تبقى مصونة بقوته من الخضوع والإخضاع.

الأقوى يتمسك بأمل إخضاع الضعيف رويدًا رويدا، إن عجز عن ذلك بالعنف والمغالبة. فإن أبدى الضعيف مرونة غير مناسبة أصر الأقوى على دفع الأضعف لمزيد من التنازل حتى يميع قضيته ويحرف مبادئه. وإن أبدى الضعيف صلابة وتعنت وإصرار دفع الأقوى العاجز عن حلول العنف والإفناء إلى المرونة أكثر لتجنب المغامرة.

لما علم المشركين صبر وثبات موقف النبي ﷺ وعدم تراجعه، جنحوا للسياسة عله يتنازل في شيء، فعرضوا عليه أن يعبدوا ربه عامًا ويعبد هو آلهتهم عاما، ومازالوا يُخفِضون الوقت والنبي ﷺ يرفض حتى نزل قوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. (راجع هنا ⏯️ (https://t.me/asef_14/365))

بينما في صلح الحديبية أظهر النبي ﷺ مرونة في التفاوض، فرضي بأن يكون له الحرم والكعبة ثلاثة أيام في العام وبدون سلاح الحرب، ووافق على جزئيات لا تتعلق بالمبادئ ومضى إلى أن يفتح الله بينه وبين عدوه، فأنزل الله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا. (راجع هنا⏯️ (https://t.me/asef_14/366))
فسمى الله تعالى تفاوض النبي ﷺ بالفتح المبين برغم أن ظاهره إجحاف على المسلمين، وفي التفاوض الأول الذي ظاهره في صالح المسلمين، نزلت مفاصلة لا نقاش فيها بالرفض المطلق والكلي. (راجع هنا⏯️ (https://t.me/asef_14/367))

لأنَّ المبادئ لا تتجزأ، ومحور الصراع قائم على تحقيق تلك المبادئ كما هي دون نقصان أو تغيير.

الأسيف عبد الرحمن

Exit mobile version