فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير وذلتها وطاعتها وانقيادها

“فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير وذلتها وطاعتها وانقيادها” ✍️ سيد قطب – رحمه الله –

• فرعون، بمجرد أن رأى رؤية، أولها له السحرة والكهنة أن مولودا سيولد لبني إسرائيل، وأنه سيكون سببا في هلاك فرعون وزوال ملكه، قتّل المواليد الذكور من بني إسرائيل.. (يذبِّح) هكذا وصف القرآن فعله، استعمل هذا الفعل الذي يدل على كثرة الذبح.. فعل فرعون هذه الجريمة الشنيعة (ذبح الأطفال) دون أن يحتاج إلى تبريرها، فضلا عن أن يشاور أحدا في فعلها، أو أن يطلب تفويضا من أحد.

 كل الظلم الذي وقع على بني إسرائيل من شدة تعذيب، واستعباد، وتقتيل الأبناء… لم يحرك فيهم ساكنا، كما لم يحتج فرعون إلى تبرير أفعاله بهم..

• أما عندما جاء موسى بدعوته، فمن أجل قتل رجل واحد (موسى) اضطر فرعون أن يقول:(أخاف، ذروني، ماذا تأمرون، دينكم، طريقتكم، أرضكم،…).. اضطر إلى أن يعبِّر عن مشاعره.. إلى أن ينسب كل شيء (الدين، الطريقة، الأرض) لقومه لا لتفسه، وأن يظهر حرصه عليهم.. وإلى طلب التفويض الشعبي منهم (ذروني).. وإلى مشاورتهم، بل وجعل رأيهم أمرا ملزما (فماذا تأمرون).. اضطر إلى تبرير سعيه لقتل رجل واحد (موسى)، بالرغم من أن موسى كان قد قتل رجلا من قوم فرعون من قبل؛ اضطر إلى كل ذلك، وهو الذي كان يقول لهم: «أنا ربكم الأعلى» ويقول:«ما علمت لكم من إله غيري»..

 شخص واحد أو مجموعة (صفوة) تحمل فكرة، تؤمن بها، وتدعو إليها، وتضحي في سبيلها، ترعب الطغاة، وتظهر ضعفهم وخورهم، وتغيّر مسار التاريخ في النهاية..
أما من غير فكرة دافعة، وصفوة تحملها، وتتحرك بها، وتدعو إليها، فتبقى الجماهير ساكنة ذليلة، وتبقى مجرد أرقام في قاموس الطواغيت، ويبقى الطواغيت مستعلين مستكبرين مفسدين في الأرص..

“والطغيان لا يخشى شيئاً كما يخشى يقظة الشعوب، وصحوة القلوب، ولا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة؛ ولا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون الضمائر الغافية”
✍️ سيد – رحمه الله –

حسين أبو عمر

Exit mobile version