الشيخ: همام أبو عبد الله
ذو الحجة هو شهر الحج الذي تقع فيه أعظم مناسك الحج وجلها وأجلها، وهو شهر عظيم اجتمعت فيه فضائل عديدة؛ منها:
1- فيه العشر الأول المباركات؛ ومن فضائلها:
– فضيلة العمل الصالح فيها؛ قال صلى الله عليه وسلم: “ما العمل في أيام أفضل من العمل في هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء“.
– وهذه العشر هي المخصوصة من شهر ذي الحجة بكونها من أشهر الحج التي يكون فيها الإحرام بالحج والتي ذكرها الله جل وعلا في قوله: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ).
– وهي الأيام المعلومات المشهورة بذكر الله تعالى، والتي قال فيها الله جل وعلا: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
– وهي العشر المتممات التي ذكرها الله جل وعلا في قوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).
– وهي العشر التي أقسم الله جل وعلا بلياليهن في قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
2- فيه يوم عرفة:
يوم الدعاء والعتق من النيران، قال صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة”، وقال صلى الله عليه وسلم: “صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”، وقال صلى الله عليه وسلم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”.
3- فيه يوم النحر يوم الحج الأكبر:
قال تعالى: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)، قال أبو هريرة رضي الله عنه: “بعثني أبو بكر رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر“، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم النحر: “هذا يوم الحج الأكبر”، فيوم الحج الأكبر فيه معظم أفعال الحج التي لا تجتمع في غيره؛ من وقوف بالمشعر الحرام ودفع لمنى ورمي الجمار والنحر والحلق وطواف الإفاضة والرجوع لمنى للمبيت..
وقال صلى الله عليه وسلم: “إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر” ويوم القر هو اليوم الحادي عشر أول أيام التشريق حيث يستقر الناس بمنى.
4- فيه أيام التشريق:
وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وهي الأيام المعدودات التي جاءت في قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) فيشرع فيها الإكثار من ذكر الله تعالى؛ كذكره عند رمي الجمار، وعند ذبح الهدي والأضاحي، وعقب الصلوات الفرائض، قال صلى الله عليه وسلم: “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله“، وسبق ذكر فضل يوم القر وهو اليوم الحادي عشر وأنه من أفضل الأيام.
5- ذو الحجة شهر من الأشهر الحرم :
وهي الأشهر التي ذكرها الله جل وعلا في قوله: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) وذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: “السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حُرُم، ثلاث متواليات: ذو القَعْدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مُضَر الذي بين جُمادى وشعبان”، وهذه الأشهر الحرم معظمة والمعصية فيها أشد؛ فقد حذر الله جل وعلا المسلمين من مخالفة أمره عامة وفي هذه الأشهر خاصة فقال جل وعلا: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) لأن الظلم فيها أبلغ في الإثم من غيرها، وذو الحجة أفضل تلك الأشهر الحرم، قال ابن رجب: “شهر ذي الحجة أفضل الأشهر الحرم حيث كان أشدها حرمة”.
* هي أيام مباركات، فيا فوز من سعى للآخرة فيها سعيها وهو مؤمن، فأولئك كان سعيهم مشكورا.
والحمد لله رب العالمين.
لتحميل نسخة من المجلة يمكنك الضغط هنا
لقراءة باقي المقالات يمكنك الضغط هنا