جمع وترتيب الشيخ: رامز أبو المجد الشامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
* قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) سورة الأحقاف.
وقال تعالى: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) سورة المدثر.
وقال تعالى يمدح نبيه أيوب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام : (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) سورة ص.
* قال الإمام القرطبي رحمه اللّه في تفسيره: “إنا وجدنا أيوب صابرا على البلاء، لا يحمله البلاء على الخروج عن طاعة الله والدخول في معصيته (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) يقول: إنه على طاعة الله مقبل، وإلى رضاه رجَّاع”.
والآيات في هذا الباب كثيرة معلومة .
* قال الإمام أحمد رحمه اللّه تعالى: “ذكر الله الصبر في القرآن تسعين مرة”.
وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مكانة الصبر في شريعتنا الغراء وعلى عظيم أجر الصابرين .
* قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (الصبر ضياء) رواه مسلم.
* وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) متفق عليه.
* أنواع الصبر- وللصبر أنواع ثلاثة:
النوع الأول: الصبر على الطاعات.
النوع الثاني: الصبر عن المعصية.
النوع الثالث: الصبر على قضاء الله وقدره.
* والعبد لا يخرج عن نوع من هذه الثلاث، لذلك فإنه يحتاج إلى الصبر على مدار يومه وليلته وكل عمره.
* ومن رحمة الله بالعباد أن دلهم على الصبر وأمرهم بالاستعانة به على أمور دينهم ودنياهم، فالمرء إما أن يكون من المواظبين على طاعة من طاعات الله، أو يغلب عليه هواه ونفسه فيقع في محذور مما حذر الله ورسوله، أو يكون قد ابتلي ببعض البلاء وكتب عليه ذلك في قضائه وقدره.
* وكلما زادت الفتن والشهوات والشبهات زادت حاجة العبد للصبر.
* ومن العبادات العظيمة والواجبات المباركة التي تحتاج إلى الصبر عبادة الجهاد في سبيل اللّه ومقارعة الكافرين ودفع صيالهم، قال تعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) سورة البقرة، قال أهل التفسير: وحين البأس أي وقت المعارك .
* ثمرات الصبر- وللصبر ثمرات كثيرة؛ نذكر منها:
١ – أن العبد الصابر ينال محبه الله؛ لأن الله أخبر في كتابه أنه تبارك وتعالى يحب الصابرين.
٢ – أن العبد الصابر يكرمه الله بمعيته، وبذلك جاءت الآيات والأخبار أن الله تعالى مع الصابرين.
٣ – أن أجر الصابرين لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
٤ – أن المنازل العالية في الجنات لا ينالها إلا الصابرون… (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) سورة فصلت.
مع وجود غيرها من الثمرات الكثيرة يعلمها من وفقه الله للصبر والاستعانة به.
* ومن الأمور المتعلقة بالصبر مسألة الشكوى: فالشكوى نوعان؛ نوع محمود في شرعنا ونوع مذموم .
– النوع الأول: يُمدحُ صاحبه ويؤجر عليه، وهو الشكوى إلى الله، أن يشكو العبد همه وبلاءه وكربته إلى الله، وأن يصبر على ما أصابه ابتغاء مرضات الله وما عنده من الأجر العظيم، قال تعالى عن نبيه يعقوب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) سورة يوسف .
– النوع الثاني: يأثم صاحبه ويكتب عليه من الوزر بقدر شكواه، وهو أن يشكو الخالق إلى المخلوق ويشكو الرازق إلى المرزوق ويشكو من بيده الخلق والأمر، إلى من لا يملك من الأمر شيء.
* وإن في الجنة منازل لن يدركها المرء بكثير صلاة أو صيام أو غيرها من العبادات، إنما ينالها بالصبر على قضاء الله وقدره حلوه ومره، ومن يتصبر يصبره الله، وعواقب الصبر تنجي من يلازمه.
اللهم جملنا بالصبر، واجعلنا من عبادك الصابرين، وصلى الله وسلم على معلم الناس الخير سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.