كلمة التحرير
عقب الحرب العالمية الأولى احتُلت معظم بلدان العالم الإسلامي احتلالا مباشرا، فأنزل الاستعمار الغربي جيوشه فيها وحكمها بالنار والحديد وسرق خيراتها، إلا أن هدفه الأول من الاحتلال لم يكن ذلك؛ بل كان قطع صلة المسلمين بمصدر قوتهم والحيلولة بينهم وبين استعادة مجدهم وعزهم.
وقد علم الغربيون علم اليقين أن هزيمة المسلمين في المعارك ليست قضاء عليهم إذ سرعان ما يخرج قائد منهم فيلتفون حوله ثم يوقع بأعدائهم ويستعيد المسلمون زمام المبادرة، لذا كان أهم الشروط التي طلبتها إنكلترة من أتاتورك هو إلغاء الخلافة الإسلامية ليحرم المسلمون من قائد يجمعهم ولو على سبيل الرمزية.
كما علم أن بقاءه بجيوشه المحتلة في بلاد المسلمين له تكلفة كبيرة لا يقدر على أدائها فهو لا يكاد يخمد ثورة إلا نشبت أخرى ولا يخضع بلدة إلا انتفضت أختها، فهو غريب محتل كافر ولا يجد أشد الناس سذاجة كلفة في فهم ذلك.
لذلك فكّر الغرب في الخروج من بلاد المسلمين وإنهاء الاحتلال العسكري المباشر على أن يسلم مقاليد الحكم من هو أشد كفرا وإجراما من المحتل ذاته، وبذلك يحقق المحتل هدفه الأعظم دون أن يغرم شيئا، ويحرص الحاكم الجديد الذي عهد إليه سيده المستعمر بحكم البلاد على الإتيان بجرائم كان يترفع عنها المستعمر ذاته وذلك ليثبت ولائه وكفاءته فلا يتعرض للاستبدال.
وإننا اليوم نعيش مآسي ذلك فالعدو الذي هو من أبناء جلدتنا هو أضر على الأمة من عدوها الغريب، وما تعرضت وتتعرض له غزة هذه الأيام من قصف ومجازر وحصار وتجويع وخذلان يجعل القلب يتفطر حزنا فاليهود يحيلونها رمادا وركاما بطائراتهم وصواريخهم وأذنابهم من حكام المسلمين يحاصرونها ويمنعون شعوبهم مد يد العون إليها، فعدو الله السيسي يغلق معبر رفح، ويحمي دولة المسخ من فدائيي الأمة وأبطالها وعبد الله بن حسين يرسل جنوده وقواته لتحمي حدود اليهود من اقتحامها كما يرسل شرطته ورجال أمنه لمنع اقتحام سفارة اليهود، والزنديق عباس يرسل شبيحته لقمع المتظاهرين في جنين ولا يتورعون عن إطلاق الرصاص لتفريقهم، وشيطان الجزيرة ابن زايد يهرع مسرعا لإرسال المساعدات إلى اليهود وقس على هذا سائر الملوك والرؤساء الذين اغتصبوا الحكم من الأمة، وجعلهم المحتل نوابا عنهم.
ومن هنا نعلم أن طريق التحرر من الهيمنة العربية واستعادة العز والمجد لا يكون إلا بعد إزالة الطواغيت الذين ساموا الأمة سوء العذاب وأذاقوها الأمرين وحالوا بينها وبين الجهاد وقتلوا خيار شبابها وزجوا في غياهب السجون أكابر علمائها وصدروا لها كل تافه وسخيف وقصروا توجيه السلاح على أبنائها ومنعوه العمل في عدوها.
فنسألك اللهم أن تنزل رجزك وعذابك باليهود وأذنابهم وأحالفهم ومن واطأهم وناصرهم وأيدهم وأن تطهر فلسطين من رجس اليهود وسائر بلاد المسلمين من رجس أذناب اليهود.