كلمة التحرير
تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة الاعتداءات على السوريين في تركيا، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه أن بعض العنصريين الأتراك ضربوا أو أخذوا إتاوة أو قتلوا أحد السوريين الذين فروا من جحيم القصف الأسدي إلى تركيا، وهذا يستدعي منا بيان أمور:
الأول: أن هذه الأعمال هي ثمرة مرّة لما زرعه الاتحاديون ومن بعدهم الكماليون من فكرة الطورانية التي تعني الولاء بناء على العرق مع جعل الدين وراءها ظهرياً حتى أنها اتخذت شعارا الذئب الأغبر الوثني رمزا لها.
الثاني: لا بد في الإصلاح من البدء في الجانب العقدي دون غيره من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وإلا فإن الإصلاح في هذه الجوانب مع إهمال الجانب الأهم سرعان ما يضيع مع تغيّر الحزب أو الحكومة، وهذا ما نجده في هدي النبي عليه الصلاة والسلام فمع أن الحياة في مكة كانت مليئة بالمفاسد إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يبدأ بشيء أولى من العقيدة، مع أن إصلاحها كان أعسر الأمور وأصعبها، ويهدد مصالح المشركين كافة لكن ما من سبيل آخر يضمن نجاح الدعوة وسيرها، وظل عليه الصلاة والسلام ثلاثة عشر عاما في مكة يؤسس لعقيدة التوحيد ويحارب الشرك حتى رسّخ الإيمان في القلوب فأخذت تفاصيل الشرائع تتنزل تباعاً، وللأسف فهذا ما وعاه أعداؤنا فنجد أن أتاتورك بدأ بإفساد العقيدة ومحاربتها واستسهل في سبيل سلخ الأمة التركية عن دينها عقبات عسيرة، ووضع لعلمائها المشانق ولم يرفعها حتى كتم كل صوت إسلامي معارض.
الثالث: من أمن العقوبة أساء الأدب، عندما اعتدي على شخص غير سوري سارع وفد من الحكومة لزيارته وتقديم باقة ورد له، أما السوريون فلا بواكي لهم، ولا إجراءات صارمة تمنع تكرر الاعتداءات عليهم، بل يُنظر إليهم نظرة دونية ويُرحّل قسراً عشرات الآلاف منهم ويسمى ذلك “عودة طوعية”.
الرابع: أن هذه التصرفات لا تمثل المسلمين الأتراك الذين لهم ماض عريق في نصرة الدين والبذل لأجله، وفي الوقت ذاته فإن هؤلاء العنصريين ليسوا أقلية أو شراذم، بل هم كثر في تركيا كما بينته الانتخابات الماضية، فقد اقترب نسبة من انتخب العنصري النصيري كلشتدار من النصف.
الخامس: سنة الله المطردة أن من تعلق شيئا وُكل إليه، فلا تعلق قلبك إلا بالله، وإلا خذلك الله ووكلك إلى من تعلقت به.