تلعادة وما قبلها وما بعدها 

تلعادة وما قبلها وما بعدها 

 

في كل مشكلة لا بد من قراءة المشهد بإنصاف، وتحميل كلٍّ مسؤولياته، أعجبه ذلك أم لم يعجبه، ولا يهتم الناصح الأمين، ومن قصد الإصلاح، لا يهتم لرأي الطرفين المتشنج، طالما أن الشهادة لله.

 

إن أكبر مشكلة أثرت سلباً على الثورة السورية، هي مشكلة الفرقة والانقسام، كل حزب بما لديهم فرحون، وهناك من يبقى في أحزاب وجماعات صغيرة، لا تألف ولا تؤلف، وكنت لمت وألوم دائماً من يشتكي آثار الفرقة، ولا يحقق اعتصاماً مع غيره ولو جزئياً.

 

المشكلة الأكبر لها أسباب، ومن أسبابها الابتعاد عن الأمة غلواً وكبراً وعلواً، وهذا أول من ارتكبه قيادة هيئة تحرير الشام الحالية فهم قيادة الجبهة، ثم غلا الخوارج أكثر بعد أن مهدت لهم الجبهة وتبرأت منهم وهذا واقع، وتشظى عن الجبهة ثم الهيئة مجموعات غلاة معروفة… كلهم يفعل ما فعلته قيادة الهيئة من إصرار على الوكالة الحصرية، واحتكار للحق، وتشنيع وتسقيط للمخالف.

 

الاحتطاب سطو مسلح يندرج تحت الإفساد في الأرض، لكن بفتوى لا شرعية ولا أخلاقية، أول من فعله الجبهة ثم الهيئة عناصر أو جماعات، وهذا معروف عند أهل الشام، ولقد حَطَمت الجبهة فصائل كثيرة، وظهرت مجموعات احتطاب كثيرة في صفوفها. 

 

بعض المجموعات المتشظية التي خرجت من الهيئة لم تصطف مع الأمة ضد ظلم الهيئة واحتكارها وتضييقها على المصلحين، بل انفردت وتفردت، وكان غلوها وفقرها سبباً في التوجه إلى السطو المسلح من مال فيه وفي أهله فتوى غلو وربما خروج لا شرعية ولا أخلاقية.

 

على كل حال، لا يمكن تثبيت تهمة الاحتطاب والإفساد في الأرض على مجموعة فقط لأن هيئة تحرير الشام اتهمت، فإلى الآن يظهر في صفوف الهيئة ذاتها محتطبين ومفسدين، يحاسبون أو يؤجلون “لمصلحة” وهذا معروف للجميع، فالواجب التثبت والتبين من ادعاء الهيئة التي هي فصيل مسيطر “كحزب حاكم” وليست أمة أهل الشام بشورى وقضاء مستقل تماماً وعدل.

 

لا يجوز التمادي في اتهام الهيئة نفسها، فلقد كشفت وقبضت على عدة أفراد وجماعات خوارج ومفسدين، ورغم مصلحة قيادة الهيئة في تصفية الحسابات ووضع الحجج والذرائع للقضاء على الجهاديين “المشغبين” على إدلب المستقبل، إلا أن تعارض التهم وحضورها يدعو إلى التبين قبل الحكم.

 

الإدارة أو الفصيل الذي لا يهتم لأرواح المدنيين فيدهس هذا ويطلق الرصاص على هذا (عند معبر مزناز)، ويقتل المدني هذا اثناء اشتباك مع محتطبين أو فصائل أخرى، عنده استخفاف بالدماء المعصومة، وسيذوق وبال هذا الأمر بقدر إلهي وتحرك شعبي مهما طال الزمن.

 

عندما يكون هناك أدلة فيجب أن تقدم قبل وأثناء العمل الأمني، مع الإعذار والانذار وترك فرصة علنية للاستسلام للقضاء النزيه العادل العلني، مع تنبيه المدنيين وتأمينهم، ومن لا يفعل هذا ينزل في الحكم إلى منزلة من يحكم عليه بحكم مسبق غامض غير مسبب، ويهاجمه بسلاح الخفيف والثقيل.

 

لا بد من قضاء مستقل علني يكون أعلى سلطة من الأمنيين والعسكريين، وإلا فالكل يدعي فهل يعطى بدعواه؟!

 

أبو يحيى الشامي

Exit mobile version