تعليقات على اجتماع غازي عنتاب / بين المسؤولين الأتراك وقيادات فصائل الجيش الوطني – مجلة بلاغ العدد ٤٣

⁨مجلة بلاغ العدد ٤٣ - جمادى الأولى ١٤٤٤ هـ⁩⁩⁩⁩⁩December 02, 2022

الأستاذ: حسين أبو عمر

نقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر دبلوماسية تركية وأخرى مقربة من فصائل “الجيش الوطني” بعض ما حصل في اجتماع غازي عنتاب بين مسؤولي الملف السوري في الاستخبارات التركية مع قيادات فصائل “الجيش الوطني”..

بعض ما جاء في التسريبات:

«الجانب التركي كان هو الوحيد المتحدث في الاجتماع، وقادة الفصائل استمعوا له».

«الجانب التركي تحدث بشكل حاسم وقاطع وبلغة حازمة بأن أنقرة هي صاحب الكلمة والقول الأخير في المنطقة، وعلى الفصائل ألا تخرج عن التعليمات التركية بعد الآن، ولا تتصرف من تلقاء نفسها، وإلا فإن العقوبة ستكون شديدة وتصل إلى حد الملاحقة، سواء في المناطق الآمنة أو داخل تركيا».

«عدم الترتيب مع أي جهة خارجية بدون التنسيق مع الهيئة الاستشارية، وحل جميع المشاكل في المنطقة من خلال المؤسسات أو الفيالق أو الهيئة الاستشارية، وعدم الاحتكام لأي لجنة أخرى». واعتبر الأتراك المجلس الإسلامي السوري “مرجعية للجميع”، على أن “لا يتدخّل بين الفصائل”.

«استخدم الوفد التركي لغة حازمة وقاطعة، وقال كلامه وخرج من الاجتماع».

«الاجتماع استغرق 45 دقيقة فقط».

الطريقة التي تم من خلالها تسريب مجريات الاجتماع توحي بأن التسريب كان مقصودا، كما تم التأكد من صحة التسريبات من مصادر أخرى.. ذكرت بعض المصادر أن التهديد كان أشد مما سُرب.. حتى إنه تم ذكر القانون العثماني المتعلق بقتل إخوة السلطان الذين يشكلون خطرا على الدولة، في تلويح بتطبيق القانون على من سيحاول اللعب بشكل ربما يضر بالأمن القومي التركي!!

من الواضح جدا أن الاجتماع كان يركز على قضيتين أساسيتين ولا علاقة له بالاقتتال الأخير -بعض المصادر ذكرت أن الحديث عن الاقتتال الأخير لم يستغرق إلا حوالي ثلاث دقائق فقط-.

* القضيتان الرئيسيتان اللتان تركز الكلام عليهما في الاجتماع هما:

أولا: منع الفصائل من التواصل أو الترتيب مع أي جهة خارجية، وحصر ذلك الأمر عن طريقهم.

الثانية: تحجيم دور “المجلس الإسلامي السوري” في الداخل..، قالت بعض المصادر: إن كلام الأتراك كان واضحا في منع الفصائل حتى من التواصل مع “المجلس الإسلامي السوري” إلا عن طريقهم -حتى في الفتوى-.

* أما سبب التركيز على هذين الأمرين:

الأمر الأول: ذكرت بعض المصادر أن بعض قيادات “الفيلق الثالث” التقت بوفد أمريكي في إحدى دول المنطقة من أجل الحصول على غطاء ودعم أمريكي.. فكانت النتيجة أن تم تحجيم الفيلق الثالث في مناطق ضيقة جدا، وفصل مناطق سيطرته عن مناطق سيطرة قسد، مع منع بعض قياداته من مزاولة أي عمل في الداخل..

أما الأمر الثاني: فإن “المجلس الإسلامي السوري” كان له موقف قوي من السياسة التركية الجديدة تجاه نظام الطاغية بشار، وكذلك دعوته الخطباء والناس في الداخل لرفض سياسة التطبيع مع نظام الطاغية بشار؛ لذلك أصر الأتراك على تحجيم دور المجلس في القضايا الجوهرية، وعلى ألا يلعب دور المصلح والمظلة الجامعة للفصائل في الداخل، وأن يبقى هذا الأمر بيدهم.

 

– كنت قد قلت في مقال “مستقبل الثورة السورية في ظل تغيرات السياسة التركية” في العدد ٤٠ من مجلة بلاغ – سبتمبر 2022 – صفر ١٤٤٤: «فإذا استمرت سياسة التطبيع مع النظام النصيري، فربما نشهد في الأشهر القادمة مثل هذا السيناريو من قطع للدعم عن الفصائل، وتضييق على النخب الرافضة للتطبيع وعلى الشعب في الداخل..».

والذي يحصل الآن هو شيء أكبر من التضييق سواءً على النخب في الداخل أو الخارج، بل الذي يحصل كما جاء على لسانهم «أنقرة هي صاحب الكلمة والقول الأخير في المنطقة، وعلى الفصائل ألا تخرج عن التعليمات التركية بعد الآن، ولا تتصرف من تلقاء نفسها، وإلا فإن العقوبة ستكون شديدة».

وهنا أنا لا أقول: إن الانتقال من الحضن التركي إلى الحضن الأمريكي هو أمر صحيح، بل هو انتقال من سيئ إلى أسوأ.

ولكن، الرضا بهذا الاستعباد والسكوت عن هذه الحال هو انتحار، وإن لم تجتمع نخب الثورة والأحرار على أن مصلحة الثورة فوق كل مصلحة: فوق مصلحة الفصائل، وفوق مصلحة الحزب الحاكم في تركيا، وفوق مصلحة الدولة التركية؛ فإن مصير العبيد هو البيع بثمن بخس في سوق النخاسة..

ونحن لسنا ضعفاء إلى هذه الدرجة من الاستعباد، بل نملك كثيرا من أوراق الضغط، لو تم تفعيلها لوجدنا تعاملا مختلفا من تركيا ومن غيرها. 

Exit mobile version