تزوير قراطية
قبل قيام الثورة السورية بسنوات، قامت بلدتي بما يشبه ثورة على النظام المجرم، حيث اتفق معظم أهل البلدة على إسقاط قائمة الجبهة الوطنية في الانتخابات البلدية، ومن المعلوم أن هذه القائمة المرشحة من حزب البعث والمدعومة من أفرع الأمن تنجح قهراً، لكن أهل البلدة صمموا على دعم قائمة المستقلين وعدم انتخاب قائمة الجبهة.
عندما رأى أتباع حزب البعث خيبتهم أمام أعينهم، لجأوا إلى الغش والتزوير للنجاح في الانتخابات، فأتت بعض نسائهم بالحجاب تحمل هويات نساء متوفيات للتصويت، وعملوا على تزوير الوثائق، وإكراه الناس على التصويت لقائمة الجبهة، ومع كل ذلك سقطت قائمة الجبهة، فثارت ثائرة أفرع الأمن واستدعت عدداً من أهل البلدة للتحقيق، ثم عينوا رئيساً للمجلس البلدي يناسبهم… وهكذا يفعلون.
وإن كان هذا جرى في دكتاتورية مقنعة بالديمقراطية، فإنه يحدث أيضاً عند مدعي الديمقراطية، فقد ذكر ناشطون اليوم في الولايات المتحدة أن هناك شخصاً اسمه وليام برادلي قام بالتصويت عبر اقتراع غيابي في مدينة ديترويت، في انتخابات هذه السنة 2020م رغم أنه متوفى منذ عام 1984م.
وأكدوا أن هذه الحالة ليست الأولى، فناخب آخر يُدعى جون أيكون ولد في عام 1900م (عمره 120 عامًا) قد صوت من خلال اقتراع غيابي في مقاطعة جاكسون ، ميشيغان.
وناخبة أخرى تدعى دونا بريدجز ولدت عام 1901م (تبلغ من العمر 119 عامًا)، أدلت بصوتها عبر اقتراع غيابي في مقاطعة ميسون بولاية ميشيغان.
تزوير واضح في بلد يدعي ساسته أنه أكبر وأدق ديمقراطيات العالم، في صراع أشغل العالم بين الجمهوريين مرشحهم ترامب، والديمقراطيين مرشحهم بايدن، للوصول إلى كرسي الرئاسة، كلٌّ يدعي أنه الأفضل لهذا المنصب.
في مثال آخر مؤكد عن التزوير وليس عن الديمقراطية، مما رأيته رأي العين، وفي بلدتي بعد قيام الثورة السورية، قمت بالتعاون والتشاور مع أهل البلدة بانتداب عدد من وجهائها الذين يمثلون كل العوائل كمجلس شورى للبلدة يعين مجلسها المحلي بالتفاهم مع السلطة التي سيطرت على المحرر (دون ذكر أسماء، ما يهم هو المثال)، والهدف تغيير المجلس المحلي المفروض قهراً، بمجلس يرتضيه أهل البلدة ويتعاونون معه، لكن السلطة انزعجت من قيام مجلس شورى للبلدة وعملت على تعطيله.
وعندما رشح أهل البلدة أسماء لتولي مهام المجلس المحلي، تم رفضها من قبل السلطة، وقد رفض أحد الأسماء بسبب تقارير تفيد بأنه أمه نصيرية! (وأمه مسلمة سنية من أهل البلدة معروفة وأصيلة النسب) وأن أقرباءه كانوا مع حركة حزم سابقاً!، وبقي المجلس المفروض قهراً، كصورة من الصور التي يستعملها الملك الجبري للتزيي بزي الشورى أو الديمقراطية، كل بما يناسب الآيديولوجيا الرائجة في حيزه…. وهكذا يفعلون.
أما نظام الشورى والعدل، ونموذج الإسلام الناصع، فسيكون يوماً، نسأل الله أن يكون قريباً.
الأستاذ أبو يحيى الشامي